بدايةً إذا كنتِ حامل في الشهور الأخيرة من الحمل فلا بد أن طبيبك قد تكلم معك أثناء الفحص بالسونار عن وضعية الجنين، وما إذا كان رأسه متجهة نحو الأسفل أم للأعلى، وبالتالي ما إذا ما كان بالوضعية الصحيحة.
إن كان أخبرك الطبيب إن راسه متجه نحو الأعلى فلا بد أنك تتساءلين عن طُرق تعديل وضعية الجنين المقلوبة وكيف أداء ذلك الأمر. وهذا ما سنستعرضه في هذا المقال لنرد على تساؤلات كل سيدة تريد المعرفة والاطمئنان على صحتها وصحة جنينها.
تعريف وضعية الجنين المقلوبة
الوضع المقلوب للجنين أو الـ Breech baby في هذا الوضع يتدلى الجنين بمقعدته، ولا يكون قد اتخذ الوضع المثالي للولادة رغم وصوله للشهر (التاسع)، والوضع الصحيح للولادة هو اتجاه رأس المولود للأسفل.
وتوجد عدة أنواع للوضعية المقلوبة للأجنة وهي:
وضع النزول بالرأس Cephalic Presentation
ويُعد هذا الوضع المنتشر بنسبة (97%) من مُعدل الولادات، وهو الوضعية الطبيعية والسليمة لولادة الجنين، وتكون رأسه في هذه الحالة مستقرة في الحوض استعدادًا للنزول، ولوضعية الجنين نزولًا بالرأس نوعان هما:
1) قذالي خلفي Occiput Posterior
وهو استقرار رأس الجنين بالحوض متجهًا بوجهه إلى الأمام.
2) قذالي أمامي Occiput anterior
وهو استقرار رأس الجنين بالحوض متجهًا بوجهه إلى الخلف.
وضع النزول بالمقعدة Breech Presentation
هو انعكاس وضعية الجنين، بأن تكون الرأس بالأعلى والأرجل والمقعدة للأسفل باتجاه الحوض، وهو وضع ليس طبيعيًا ويحدث بمعدل (3%) من الولادات، ولنزول الجنين بالمقعدة يكون بثلاثة أنواع هما:
1) وضعية الجنين النزول بالمقعدة Complete Breech
وهو أن يستقر الجنين نازلًا بمقعدته رافعًا يديه وساقيه.
2) وضعية النزول بالأرجل والركبة Frank breech
تعد من أكثر الوضعيات المقلوبة انتشارًا، ويكون فيها وضعية الجنين نازلًا بمؤخرته يسبقها ساقيه وركبتيه في المنتصف ويداه مرفوعتان للأعلى بمحاذاة رأسه.
3) وضعية الجنين النزول بقدم واحدة تتدلى من قناة المهبل Footling Presentation
وتكون وضعية الجنين نازلًا بقدم واحدة ورأسه مستقرةً بالأعلى.
وهذه الحالات السابق ذكرها يصعب فيها الولادة الطبيعية، ولا بد من تأهيل السيدة نفسيًا على الولادة القيصرية التي يكون طبيبها مستعدًا لإجرائها متى حان وقتها.
وضع مستعرض Transverse
ونسبة حدوث هذا الوضع يقل عن الـ(1%)، وهو أن ينام الجنين بوضع أفقي في الرحم لا رأسي كالمعتاد، ويلزم في هذه الحالة إجراء الولادة القيصرية إذا لم يُغير جنينك وضعيته.
وضع الجنين Footling breech
وفيه يكون وضعية الجنين كأنه واقفًا أي أن ساقيه للأسفل، وهذا معناه نزوله بقدميه إذا كانت الولادة طبيعية.
ويأتي هنا سؤال:
هل قد يغير الجنين وضعه بعد الأسبوع الـ(36) من الحمل؟
الإجابة أنه قد يحدث في بعض الحالات ويُغير الجنين وضعه من تلقاء نفسه في أي وقت، ومن الممكن أن يحدث هذا قبل الولادة بأيام معدودة، وإذا لم يحدث هذا فمن شبه المستحيل أن تتم الولادة بطريقة طبيعية إذا كان الطفل باتجاه مقلوب؛ لذلك يلجأ الكثير من الأطباء إلى الولادة القيصرية في تلك الحالات.
كيف تكتشفين أن الجنين وضعه مقلوبًا؟
يستطيع طبيبك معرفة وضعية الجنين عن طريق السونار أو عن طريق الكشف باليد، حيث أن الرأس تكون أكثر صلابة من أي جزء آخر في جسم الجنين، وأيضًا يمكن للطبيب محاولة تغيير وضع الجنين بيديه، ولكن حتى إن استطاع ذلك من المتوقع أن يرجع الجنين لوضعه المقلوب مرة أخرى.
أسباب مشكلة وضعية الجنين المقلوبة
هناك بعض الأسباب المساهمة في حدوث هذه المشكلة ومنها:
- زيادة أو نقصان السائل الأمينوسي.
- شكل وضع المشيمة.
- قصر الحبل السري.
- الحمل بتوأم.
- الشكل الغير طبيعي لرحم الأم.
تغيير وضع الجنين
والمقصود به عملية تحويل يقوم بها الطبيب، وهدفها تبديل وضع الجنين إلى الوضع الصحيح للولادة لمجيئه بصورة أسهل وتجنب مضاعفات الولادة القيصرية وتغيير وضع الجنين يكون كالآتي:
التحويل الخارجي (على يد طبيبك المختص)
يتم عن طريق جدار البطن من الخارج، وفيه تستلقي الحامل على ضهرها وتسترخي تمامًا بعد إعطائها بعض الأدوية التي تعمل على استرخاء الرحم دون التأثير على الجنين.
ويقف طبيبها بجانبها لكي يحدد وضع الجنين بالضبط، وطبعًا باستخدام الأشعة التليفزيونية والتي وضحت من قبل أنه لا يوجد أي عيوب بالرحم ولا بالمشيمة تمنع حدوث التحويل.
يستمع الطبيب إلى ضربات قلب الجنين، ثم يضع يده على رأس الجنين ويده الأخرى على مقعدته، ثم يدفع المقعدة جانبًا وفي نفس الوقت يدفع الرأس في الاتجاه الآخر.
ثم يسمع ضربات قلب الجنين مرة أخرى للاطمئنان عليه، ثم يكمل تحويل الجنين إلى أن يجعله في الوضع الصحيح للولادة كما ذكرنا بالأعلى، ثم يسمع دقات قلبه للمرة الأخيرة للاطمئنان عليه.
وهذا الفيديو يوضح كيف يقوم الطبيب المختص بتحويل وضعية الجنين المقلوبة إلى وضعية الاستعداد للولادة الصحيحة
هل أستطيع التحرك بعد عملية تحويل وضعية الجنين مباشرةً؟
بالفعل يمكنك التحرك والذهاب إلى منزلك عقب انتهاء عملية تحويل وضعية الجنين، فقط ما عليكِ فعله هو السير ببطيء لأول يوم بعد هذه العملية واستشارة طبيبك عند وجود إحدى هذه الحالات على الفور وهي:
- عند الشعور بتقلصات.
- آلام بمنطقة البطن.
- الإصابة بنزيف.
- ضعف حركة الجنين.
بعض التمارين المساعدة لتغيير وضعية الجنين
- استلقي يوميًا حوالي 3 مرات كل مرة 15 دقيقة في الوضع المريح الذي يساعد الجنين أن يغير وضعه، وذلك بدايةً من الشهر التاسع للحمل ليتخذ الجنين وضع الولادة ولا يكون هناك فائض من الوقت لعودته للوضعية الأولى.
- تجلس الحامل في وضع السجود وتضع رأسها على يدها وتحت يدها وسادة للرفع.
- اجلسي هادئة مع إرخاء عضلات بطنك وتحسسي رأس الجنين وبهدوء ورفق حاولي تحريك رأسه للوضع الصحيح للولادة.
- استلقي على الأرض وضعي وسادة تحت وسطك وحاولي رفع الحوض قليلًا من الأرض وإنزاله مرة أخرى، واتبعي هذا التمرين يوميًا مرتين لتحسين وضعية الجنين لوضع الولادة، كل مرة 10 دقائق ويجب في هذا التمرين أن تكون المعدة والمثانة فارغتان.
الشروط التي لا بد من توافرها قبل محاولة تحويل وضعية الجنين
- ألا يكون الحمل بتوأم حتى لا يعيق أحدهما الآخر فيسبب ذلك خطرًا على الأجنة.
- الفحص بالسونار والتأكد من الوضعية قبل محاولة تغييرها.
- محاولة تغيير وضعية الجنين لا تكون قبل الشهر التاسع أو قبل الولادة مباشرةً.
- فحص أسباب الوضعية المقلوبة أولًا وقبل البدء في إجراء تغيير الوضعية حتى لا يكون سببها تشوه بالرحم أو ورم ليفي، أو عيب خلقي بالجنين أدى لحدوث وضعية غير طبيعية.
- التأكد من وجود السائل الأمنيوسي بالقدر الكافي لاستدارة الجنين عند تحريكه.
- التأكد من وضع المشيمة الطبيعي وعدم تحجر بطن السيدة حتى السيطرة على دوران الجنين بسهولة.
الحالات التي يحظر فيها تحويل وضعية الجنين
يحظر المخاطرة بتغيير وضعية الجنين في عدة حالات هي:
- في حالة التمزق بالأغشية أو انبثاقها.
- حالات تعدد الحمل.
- في حالة الضيق في منطقة الحوض.
- الندبات على الرحم.
- في حالة النزيف حاصةً في آخر فترة الحمل.
- في حالة تحرك المشيمة من مكانها الطبيعي.
- التشوه الخلقي للجنين كاستسقاء الدماغ.
- في حالة عدم اكتمال جمجمة الجنين.
- في حالة كبر حجم الجنين.
- في حالة عدم وجود نبض للجنين.
- في حالات صعوبة الحمل أو ندرته.
- وجود نزيف مهبلي قبل وقت العملية بأسبوع.
- إذا كان الرحم بشكل القلب وليس كالكمثرى.
- عدم انتظام ضربات قلب الجنين.
- عند انفجار كيس الماء.
المضاعفات المحتملة بتحويل وضعية الجنين الخارجية
قد يعرقل عملية تحويل وضعية الجنين وإنجازها عدة أشياء وأغلبها ينذر بخطر موت الجنين وهي:
- انفكاك المشيمة.
- شد الحبل السُري.
- حدوث مخاض مفاجئ.
لذا يُنصح بإجراء عملية تحويل وضعية الجنين في حجرة مخصصة للولادة لاحتمال حدوث ولادة وإجراء ولادة قيصرية في الحال، ويكون بوجود الاستشاري والمعدات اللازمة لرصد نبضات قلب الجنين وجهاز تصوير بالموجات فوق الصوتية (سونار) للتأكد من سلامة العملية في كل جزء منها.
عزيزتي الأم؛ لا تقلقي فكل أمر أراده الله لنا فهو مقدر، فكوني على يقين دائمًا أن الله بجانبك، وبعينه سيراكِ ويرعى طفلك ويقر عينيكِ به، أما وضعية الجنين المقلوبة ليست بحالة خطيرة تستدعي قلقًا. فإذا كانت الحالة تستدعي الولادة القيصرية فلا تترددي في إجراءها، لقد أصبحت اليوم الولادات القيصرية منتشرة بشكل أكبر بكثير من الولادات الطبيعية، حتى أن بعض السيدات يفضلنها دون مشكله تستدعي إجراءها.