كل أب وكل أم يطمحون إلى تحقيق الصورة المثالية في تهذيب سلوك الطفل ، فهم جميعًا على اختلاف ثقافاتهم ومُستوياتهم الاجتماعية أو المعرفية يتطلعون إلى تحقيق أفضل تنشئة لأبناهم، ولكن دون قصدٍ منهم قد يمارسون بعض الأخطاء التربوية فيما يتعلق بتهذيب سلوك الطفل ومن ثم فهم يصلحون جانبًا بينما يفسدون جانبًا أخر بهذه الأخطاء التي يقع فيها مُعظمنا، وهنا سيدور حديثنا عن أشهر وأهم الأخطاء التي يقع فيها الآباء والأمهات في سعيهم الحثيث نحو تهذيب سلوك الطفل.
تتعلق الأخطاء الشائعة في تهذيب سلوك الطفل بعدة محاور تربوية أهمها:
طُرق العقاب وتوقيته
فيما يتعلق بالعقاب وطُرقه فهو يُمثل محور هام من محاور تهذيب سلوك الطفل ، فالعقاب في حد ذاته مطلوب ولكن يجب تجنب بعض الأخطاء التي تتعلق به والتي من أهمها:
- العقاب العنيف بالضرب أو الألفاظ القاسية والمُهينة للأطفال، فهذا العقاب يضعف شخصية الطفل أو يجعله عنيدًا وعنيفًا فيما بعد.
- عقاب الطفل أمام الآخرين، وهذا خطأ غاية في البشاعة لأنه يهز ثقة الطفل بنفسه ويجعله طفلاً انطوائيا خجولاً عاجزًا عن التعامل مع الآخرين.
- تأخير العقاب على خطأٍ ما والقيام به بعد فوات وقته، فهذا التأخير يفقد العقاب قيمته، فالطفل غالبًا ينسى ما يُعاقب لأجله.
قد يهمك أيضًا: الأطفال الرضع والتلفاز ومدى صحة تأثيره على ذكاء الطفل وتوحده
العلاقة التي يخلقها الآباء أو الأمهات مع أطفالهن
يسعى الآباء والأمهات إلى خلق علاقة قوية وطيبة بالأبناء حتى يتيسر لهم مُراقبة وتهذيب سلوك الطفل وهذا من الأمور الإيجابية لكن قد تشوبه بعد الأخطاء ولعل من أهمها:
- التعلق الزائد بالأبناء، والذي ينعكس في صورة تدليلٍ مُفرط أو خوفٍ زائد عليهم، ومن ثم التدخل في تشكيل وعيهم واختياراتهم بصورةٍ زائدة تلغي شخصية الطفل، وتضعف قدرته فيما بعد على مواجهة التحديات والتعامل الجيد مع ضغوط الحياة ومشاكلها.
- فرض الرأي والسيطرة على رغبات الطفل واختياراته، خطأ كبير يصل في النهاية إلى شخصٍ مهزوزٍ ومُترددٍ وغير قادرٍ على اتخاذا القرارات.
- منح الطفل مساحة زائدة من الحرية، عكس السيطرة الزائدة أن يترك للطفل مساحة زائدة من الحرية بغرض تعليمه الاستقلالية والاعتماد على النفس، فيؤدي ذلك إلى تكوين شخصية مُتسلطة ودكتاتورية لا تتقبل الآراء المُخالفة، ولا تُجيد التعامل مع الصدامات.
- توفير سبل الراحة والرفاهية للطفل وتحقيق كل مُتطلباته خطأ يقع فيه كثير من الآباء والأمهات وينتج عنه تكوين شخصية أنانية واتكالية وضعيفة، لأن من اعتاد على الحصول على كل ما يريد لا يُمكنه أبدًا أن يستوعب طبيعة الحياة ولا يقوى على تجاوز محنها وعقباتها.
قد يهمك أيضًا: مراحل تطور الطفل الطبيعي بعد الولادة من عمر اليوم إلى العامين
الخلط بين أحلام الآباء والأمهات وأحلام الأبناء
من الأخطاء الشائعة لدى كثيرٍ من المربين أمهات كانوا أو آباء أن يتصور أن أبنائهم امتدادًا لأحلامهم التي أخفقوا في تحقيقها، أو أنهم فرصة ثانية لتعويض ما فاتهم من الطموحات أو الآمال، فيوجهون الطفل في مسارٍ يُحقق أحلامهم هم وليس أحلامه هو، ويفرضون عليه ميولهم واهتماماتهم التي قد تكون بعيدة كل البعد عن اهتماماته هو وميوله ورغباته، وهذا خطأٌ فادح يُشكل عقبة كبيرة في سبيل تهذيب أو تشكيل سلوك الطفل.
طرق التربية والتوجيه التي يتبعها البعض في تهذيب سلوك الطفل
هُناك عدة طرق ينتهجها الآباء والأمهات لتهذيب سلوك الطفل ولفت انتباهه إلى ما هو خطأ يجب اجتنابه أو صواب يجب التزامه، وبعض تلك الطُرق خاطئة وسلبية لأنها إن كانت تُفيد في تهذيب سلوكٍ مُعين للطفل فهي تترك أثرًا سلبيًا على سلوكياته ومُعتقداته إجمالًا، ويظهر أثرها على المدى البعيد نسبيًا ومن أهم تلك الأخطاء ما يلي:
طريقة التوجيه وعدم توافق القول مع الفعل
الاعتماد على الكلام المرسل، والتوجيه عن طريق النصح والإرشاد والأوامر والنواهي طول الوقت دون أن يلمس الطفل مصداقية في العمل أو توافق القول مع الفعل، فينشأ الطفل متذبذبًا لا يستطيع استيعاب التناقض بين ما يسمع ويرى، ويتعلم الكذب ويفقد الثقة في الوالدين.
المقارنات بين الطفل وأقرانه
عقد المقارنات بين الطفل وأقرانه أو بين الأم وغيرها من الأمهات أو الأب وغيره من الآباء من الطرق التي يضغط بها الآباء أو الأبناء على الأطفال دون قصدٍ منهم وتنمية لديه قيم المُقارنة، الغيرة، الحسد، الحقد، التقليد للغير دون أن يشعروا، فيكلفون الطفل مُعاناة كبيرة يظل فيها حتى آخر عمره.
قد يهمك أيضًا: الأكل الصحي للأطفال وجدول لأهم الفيتامينات المناسبة لصحتهم
الجدية المُبالغ فيها مع الطفل
الجدية المُبالغ فيها مع الطفل، ينسى بعض المربين في رحلتهم الطويلة نحو تهذيب سلوك الطفل أنه طفل، ويتجاهلون رغبات تفرضها طبيعة المرحلة، ويكلفونه ما لا طاقة به من التعليمات الالتزامات، وقد ثبت أن هذا الخطأ يؤثر سلبًا على التوازن النفسي للطفل.
عصبية الوالدين وثورتهم الزائدة أمام الطفل
العصبية والثورة الزائدة في حضور الطفل أحد الاخطاء الرهيبة التي يفعلها المربون فهم يعلمون الطفل العصبية والانفعال وعدم القدرة على السيطرة على مشاعره أو كظم غيظه وغضبه، ومهما كان منطق الأبوين صحة موقفهما فغن الأثر السلبي الذي تتركه العصبية والاندفاع يكون أكبر مما يتخيلا.
التهديد بالعقاب دون تنفيذ
أمر يضعف موقف الطفل ويعلمه الكذب، فهو يرى أمه تهدد بعقابه ولا تفعل، كما تجعله يستهين بالتهديد ولا تأثر به.
الكذب على الطفل
الكذب على الطفل سواءً في التهديد أو الوعد بمكافأة، كلاهما أمرٌ سيئ ولا يجني الأبوين من وراءه إلا التحدي والعناد وفقدان الثقة.
ربط الإنجازات دائمًا بالمكافأة
ربط كل إنجاز أو فعل إيجابي بالمكافأة أمرٌ خاطئ يجعل من الطفل مشروع مُرتشي، ويجرد النجاح والانجازات من مضامينها الحقيقية.
الاختلاف في الراي
الاختلاف بين الأبوين في التعليمات أو الاختلاف في الراي أمام الأطفال ينتج عنه الكثر من الضرر، فقد يقع الكثير من الآباء في هذا الخطأ الجسيم يختلفون أمام الطفل فيفقدونه القدرة على التمييز بين ما هو صواب وخطأ، ويفقدن أنفسهم المصداقية والثقة من الطفل، من ثم تفشل معظم جهودهم في تهذيب سلوك الطفل .
كسر القواعد
وضع القواعد وكسرها أو العجز عن الالتزام بها من قبل الأبوين هو من أكثر ما يشجع الطفل على العصيان وعدم الالتزام، فهي إشارة ضمنية للطفل بالاستهتار.
وفي النهاية أعزائي الأب والأم نحن نُدرك جيدًا مدى ما أنتم تمرون به من مُعاناة خاصة في العمر الأول للطفل، لذا سعينًا جاهدين بوضع قواعد لتأسيس الطفل وتنشئته حسن السلوك ومُكافحة ما يصدر من مُعظمنا من أخطاء شائعة في تهذيب سلوك الطف وأتمنى أن تعم الفائدة الجميع.
للمزيد: كيف تعلم طفلك تقدير قيمة المال دون أن يتعلم البخل
اترك تقييم