الإجهاض لا يُعني نهاية الدنيا، بل إن الحمل بعد الإجهاض سهل الحدوث ويسير الوتيرة والأعراض؛ بشرط الجدية الكاملة في تتبع الوسائل العلمية والاشتراطات الصحية، وهو ما سيدفع الحامل رغما عنها إلى ضرورة التعرف على هذه طبيعة المرحلة واجراءاتها، لأن غير ذلك له من العواقب ما لا يُمكن احتماله.
لحمل صحي وكامل بعد إجهاض مرهق بدنيًا ونفسيًا لا تلتفتي قبل إكمال قراءة هذا المقال.
الإجهاض والخصوبة
عند النقطة التي يُقرر فيها الطبيب إجهاض الجنين طبيًا بخطوات علمية مدروسة، أو حتى بعد الإجهاض المُفاجئ الذي لا يد للبشر فيه، يغلب على النساء وأزواجهن نمط تفكير يُعزز من الشعور بأن الإجهاض له اليد الطولى في انخفاض مُعدلات الخصوبة عند المرأة، ولا يعدو مثل هذا الكلام إلا حكيٌّ فارغ لا أصل علمي له.
لا ينفي ذلك أثر الإجهاض على الصحة الإنجابية عند المرأة – خصوصًا مع تكرار الإجهاض -، لكن ليس الإجهاض بذاته هو العامل الرئيس، ولكن عملية توسيع وكحت الرحم التي يُلجأ إليها لتمديد عنق الرحم للتمكُن من إخراج الجنين، ثم إزالة جزء من بطانة أو مُحتويات الرحم للتخلص من بقايا أثر الجنين، قد ينتج عن كلتا الخطوتين إحداث ندوبٍ بالرحم قد تؤدي مُستقبلًا إلى انخفاض مُعدل الخصوبة، لذلك يُحبذ أغلب الأطباء اللجوء إلى عملية شفط الرحم والتي لا تحتاج إلى تنفيذ الكحت.
ومن الواجب أيضًا الإشارة إلى أن تكرار الإجهاض – الطبي تحديدًا – يؤدي لا محالة إلى ضعف عنق الرحم، وهو ما قد يتبعه التوسع قبل الأوان إذا ما حدث الحمل مؤديًا إلى حدوث الولادة المُبكرة بتداعياتها ومضاعفاتها الصحية على الأم والجنين والنفسية والمادية على الأسرة جميعًا.
قد يهمك أيضًا: مرض الذئبة الحمراء هل هو خطير مع الحمل .. المخاطر المحتملة ونصائح هامة
مفاهيم عن الحمل بعد الإجهاض
لا بد من العلم التام بأن الحمل بعد الإجهاض وارد الحدوث بشكلٍ فوري وسريع ومُباشر، لأن عملية التبويض وما يتلوها من إخصاب لا يمنعهما شيئًا بما في ذلك النزيف، ونؤكد على أن الحمل بعد الإجهاض مُباشرةً لا يُعني عدم أمانه أو تضرره، لذلك عند الرغبة في الانتظار والتأجيل لا بد وأن تتبع الأم الوسيلة المُناسبة لها لمنع الحمل في غضون أسبوعين على الأكثر من تاريخ الإجهاض، وإلا حدث الحمل على غير رغبةٍ منها.
بشكلٍ عام يوجه الأطباء السيدات التي أُجهضن بواسطة عملية التوسيع والكحت إلى الانتظار ما لا يقل عن شهرٍ كامل إذا ما لمس منها العجلة، وذلك لإتاحة الفرصة للرحم للتعافي والتموضع الطبيعي.
جدير القول أن عقلانية التفكير والتَرُّوي تحث على ضرورة الانتظار وعدم الاستعجال في الحمل بعد الإجهاض، وذلك لكي يأخذ جسم الأم فرصته للتعافي واستعادة قوته وطبيعية أداء وظائفه وتوازن مُعدلات الهرمونات فيه، كي لا يتدخل إجهاده وضعفه العام بالتأثير سلبًا على صحة الحمل الجديد وصولًا إلى مراحل خطورة أخرى قد ينتج عنها إجهاض ثاني وثالث وهلما جرا.
وعلى الجانب الآخر، كيف يُمكن التعجيل بحدوث الحمل بعد الإجهاض وما زالت الأم وطبيبها على جهلٍ جزئي بالسبب الأساسي في الإجهاض خصوصًا إن كان للمرة الأولى.
فمن الأولى اجراء الفحوصات والتحاليل الكاشفة بدقة عن سبب عدم اكتمال الحمل، ومن ثَم علاجه، أو على الأقل وضع برنامج صحي مُتكامل للتعامل معه والحد من أثره مع الحمل الجديد إن كان سببًا مُزمنًا، لأنه إن كان الإجهاض لأسبابٍ مرضية فإن فرص تكراره عظيمة، وعليه يستلزم كل هذا التروي وأخذ الوقت المُناسب للتجربة والنجاح.
وعلاوةً على ما سبق؛ فإن الإجهاض يؤثر بشكل كبير على صحة الأم النفسية، ويُخشى إن مع سرعة الحمل بعد الإجهاض أن تؤثر حالتها النفسية على استقرار الحمل الجديد واستمراره، فمن المعروف أن الألم النفسي يلعب دورًا كبيرًا في اضطرابات الهرمونات أثناء الحمل، لذلك تحتاج الأم إلى الدعم وأخذ الوقت للتعافي خاصةً إذا ما تملكها الشعور بالذنب بعد الإجهاض.
فحوصات أساسية بعد الإجهاض
لا يُهم من النصيحة بالانتظار والتروي قبل اتخاذ قرار الحمل بعد الإجهاض بالانتظار المُطلق أو الطويل، بل على العكس، فقد أكدت الأبحاث العالمية على أن اللواتي يحملن في غضون الستة أشهر بعد الإجهاض الأول أقل مُعاناة من مُضاعفات الحمل وأعراضه مُقارنةً باللواتي يحملن بعد انقضاء ستة أشهر من تاريخ الإجهاض، لذلك ما إن تشعر الأم بأن حالتها البدنية والنفسية تحسنت وأنها استعادت قدرتها فعليها التخطيط للحمل مُباشرةً.
حرصًا على الحمل الجديد وعدم تأثير مراحل الإجهاض وتبعاته عليه؛ على الأم عدم الاستهانة بتعليمات الطبيب فيما يخص اجراء الفحوصات والتحاليل والأشعة لتحديد الأسباب – كما ذكرنا -، ولتفادي التكرار مع الحمل بعد الإجهاض وأبرز ما يطلبه الأطباء من فحوصات ما يلي:
- تحاليل دم مُختلفة، وهدفها التثبت من عدم وجود اختلالات هرمونية أو مناعية.
- فحص الكروموسومات، وهو اختبار للزوجين وليس للأم فقط، ويهدف إلى التثبت من عدم وجود عوامل جينية مُساعدة على الإجهاض.
- أحد فحوصات الرحم للتثبت من عدم وجود مُشكلاتٍ صحية بتجويفه أو بعنق الرحم أو بقنوات فالوب، وتشمل: فحص الرحم بالموجات فوق الصوتية، فحص الرحم بالمنظار، تصوير الرحم بالصبغة والأشعة السينية لبيان أي انسداداتٍ في قنوات فالوب، التصوير المائي للرحم للكشف عن شكل الرحم وطبيعة سطحه الخارجي.
قد يهمك أيضًا: متى يُشكل مرض ارتفاع ضغط الدم خطرًا على الحامل وكيف يُمكن علاجه بسرعة؟
خطوات عملية لتعزيز فرص حدوث الحمل
الرغبة في اسراع حدوث الحمل بعد الإجهاض تتزامن معها ضرورة اتباع التعليمات والإرشادات المُفيدة في هذا الجانب، ومنها:
- كثرة شرب الماء والسوائل الصحية.
- تجنب الأعمال البدنية الشاقة وحمل الأوزان الثقيلة لمدة أسبوعين كاملين على الأقل.
- الحصول على القدر الكافي – ويزيد – من النوم ليلًا.
- الاهتمام بالتغذية الصحية السليمة الغنية بالعناصر الأساسية وأهمها الفيتامينات والمعادن والبروتينات، وتجنب المأكولات الضارة من الدهون والسكريات المُصنعة واستبدالها بالخضروات والفاكهة الطازجة.
- الالتزام بجرعات الأدوية الموصوفة بمعرفة الطبيب وخصوصًا المُضادات الحيوية للوقاية من حدوث العدوى.
- يُمنع ممارسة السباحة منعًا باتًا.
- يُمنع استعمال المُستحضرات المهبلية مثل الغسول والسدادات لما يقرب من شهر على الأقل.
- من الشروط الأساسية لحملٍ صحي بعد الإجهاض اختيار الطبيب الخبير في تنفيذ عمليات الإجهاض، ثم الالتزام الكامل بتعليماته بعد الإجهاض، وكذلك مراجعته دوريًا ومُناقشته عند ظهور أي أعراض أو مظاهر صحية غير مألوفة.
- الامتناع عند تدخين مُنتجات التبغ بالإيجاب أو السلب، وأيضًا التجنب الكامل للمخدرات والكحوليات.
- لا ينبغي الإكثار من تناول الأغذية والمشروبات الغنية بالكافيين.
- في الأسبوعين التاليين للإجهاض مُباشرةً لا ينبغي ممارسة العلاقة الحميمة مع الزوج حتى وإن أصرّ، ولكن بعد التعافي والتهيئة النفسية لا بد من ممارسة العلاقة الحميمة بانتظام إذا ما تم القرار بالحمل، وتتوفر بالصيدليات أدواتٍ منزلية سهلة الاستعمال يتم عبرها مُراقبة وفحص الإباضة لتحديد موعدها، ومن ثَم من المُناسب ممارسة العلاقة أثناء أيام هذه الفترة لتعزيز فرص حدوث الحمل.
علمًا بأنه ينبغي التوقف عن ممارسة العلاقة الحميمية قبل أيام الإباضة بمدة تتراوح بين 3 إلى 6 أيام على الأكثر، ويهدف هذا التوقف إلى مُحاولة زيادة عدد الحيوانات المنوية عند الزوج وهو ما له أثره في حدوث الحمل، كما أنه من المُفيد الاستلقاء على الظهر ورفع الساقين لأعلى بعد الفراغ من الجماع لأطول وقتٍ مُمكن وذلك لمُساعدة الحيوانات المنوية على شق طريقها نحو البويضات لتلقيحها.
قد يهمك أيضًا: هل تنميل اليد اليمنى أثناء الحمل أمر طبيعي
عوامل تأخر الحمل
لا يتدخل الإجهاض في تأخر الحمل بعده، ولكن التأخر هنا محدود بعوامل خاصة، منها:
- الفئة العمرية للأم: فالخصوبة الأنثوية بشكلٍ عام من حيث عدد وجودة البويضات تنخفض عند كافة النساء بعد سن الـ 35 عامًا، فما بالنا إذا ما تزامن مع ذلك إجهاضٍ سابق لمرة أو أكثر.
- عدد مرات تكرار الإجهاض بما يؤثر على انتظام الهرمونات فتقل فرص الخصوبة.
- الإجهاض لإصاباتٍ مرضية من عدمه، وأبرزها أمراض مُتلازمة تكيس المبايض والتهابات بطانة الرحم، لأنها مُشكلات صحية مؤثرة بالأساس على الصحة الإنجابية سواءً إن أجهضت الأم سابقًا أم لا.
- الإصابة أكثر من مرة بمجموعة الأمراض والعدوى المنقولة جنسيًا، وذلك لدورها في زيادة حدة التهابات الحوض مما يضعف فرص الحمل.
- الإصابة بالسمنة المفرطة.
- وجود خللٍ وراثي.
- اختلال الدورة الشهرية بما قد يعيق حدوث الإباضة.
قد يهمك أيضًا: الحمل في الأربعينات من عمر المرأة هل هو ممكن؟ وما هي مخاطره؟
استعرضنا النقاط الأساسية فيما يخص الحمل بعد الإجهاض، وركزنا على الشق الإجرائي التنفيذي بعيدًا عن الخوض في دقائق طبية قد يصعب فهما، فالمراد الأول هو أن تعرف الأم ما عليها لحدوث حمل سليم وصحي بعد الإجهاض.
للمزيد: ما هي اعراض الحمل المُبكرة؟ علامات إن ظهرت تأكدي أنك حامل