يُعد نزول المشيمة -والذي يُعرف أيضًا باسم “المشيمة المنزاحة”- واحدًا من أخطر مُشكلات المشيمة العديدة، ولا مجال للشك في أن حدوث أيًا من مُشكلاتها في أي مرحلة من مراحل الحمل الزمنية يُعد خطرًا داهمًا على صحة كلًا من الحامل والجنين.
من هذا المنطلق نُقدم لكِ سيدتي في السطور القادمة الكثير من المعلومات الأدق حول نزول المشيمة وكيفية الوقاية والعلاج.
ماهية المشيمة ووظيفتها
المشيمة عبارة عن غشاء يأخذ الشكل المُسطح المُستدير تكونًا مُنذ المراحل الأولى للحمل، وتحديدًا خلال الأسبوع الرابع من الحمل، وتنمو نموًا مُتدرجًا على مراحل تتماشى مع مراحل نمو الجنن داخل الرحم، وتتموضع ذاتيًا بالتعليق أعلى جدار الرحم أو على جانبه، أي بعيدًا جدًا عن عنق الرحم.
تلعب وحدها دورًا أساسيًا ولا غنى عنه في إمداد الجنين المتقوقع داخل رحم أمه بالأكسجين والغذاء عبر الحبل السُري، إلى جانب دورها في إزالة النفايات الدموية من الجنين، بالإضافة إلى إنتاج مجموعة الهرمونات المُرتبطة بالحمل.
تفصيلًا في وصف أداء المشيمة للدور المنوط بها نوضح أن دم الأم المُحمَّل بالمغذيات والأكسجين يمر عبر المشيمة لنقل هذه المكونات إلى دم الجنين بسلاسة منقطعة النظير، وبالتوازي يمر عبر المشيمة أيضًا دم الجنين بما يحمله من مُخلفات ليتحد مع دم الأم ومن ثَم التخلص من هذه النفايات والمخلفات كأحد الوظائف الأساسية للكُلى.
من بديع صنع الله تعالى أن لا مجال على الإطلاق لاختلاط دم الجنين الملوث بدم الأم المُغذي أثناء مرورهما بالمشيمة، وذلك لأن الحبل السُري يربط المشيمة بالجنين، وهذا الحبل يشتمل على وريدين، يكون أولهما مسئولًا عن نقل الدم الجديد للجنين، على أن يختص الوريد الثاني بنقل الدم الملوث إلى خارج الطفل، ما تلبث أن تنفصل المشيمة عن جدار الرحم عقب الولادة مباشرة؛ ليتم طردها إلى خارج جسم الأم.
قد يهمك أيضًا: هل تنميل اليد اليمنى أثناء الحمل أمر طبيعي
تعريف نزول المشيمة
يُطلق مصطلح نزول المشيمة على الحالة المرضية التي تنخفض فيها المشيمة بالشكل للدرجة التي ينتج عنها تغطية عنق الرحم بشكلٍ جزئي أو بشكلٍ كُلي، وهو ما يتبعه حتمًا ظهور مجموعة من الأعراض الصحية، وعلى رأسها حدوث نزيفًا دمويًا حادًا، ومن ثَم اللجوء إلى إتمام الولادة قيصريًا كخيار اضطراري وحيد إذا ما جاء هذا النزيف حادًا وغير مُسيطر عليه.
وتجدر الإشارة إلى أن نزول المشيمة الجزئي يُعني تموضعها أمام الجنين، ولكن دون تغطية كاملة لعنق الرحم، وإذا ما اتُبعت الوصايا الطبية بحذافيرها فإن نسب ارتفاع المشيمة إلى أعلى مرة أخرى تَعْظُم وتتأكد، حيث إنه يومًا بعد يوم ومع كبر حجميّ كلًا من الرحم والجنين يسهم في جذب المشيمة إلى أعلى مرة أخرى.
بينما نزول المشيمة الكامل والذي يتغطى وينسد معه عنق الرحم تمامًا يوجه نحو الولادة القيصرية مُباشرةً تفاديًا للمُضاعفات وسيطرةً على النزيف المهبلي، خصوصًا إذا ما تزامن التصاق المشيمة بجدار الرحم مع نزولها الكامل، حيث إنه في هذه الحالة لا سبيل لتحركها أو ارتفاعها مهما كبر حجم الرحم وحجم الجنين.
أسباب نزول المشيمة
لم تتوصل الدراسات الطبية المستفيضة والمتأنية إلى السبب الرئيسي المُباشر المسئول عن نزول المشيمة، وبمعنى آخر فإنها حالة مرضية مجهولة الأسباب، بيد أنها غير معدومة العوامل التي تُعزز من فرص حدوثها وفق ما أثبتته الدراسات المُعتبرة، وعلى رأس عوامل الخطورة التي تزيد من فرص نزول المشيمة ما يلي:
- الحمل لمرة أو لمراتٍ سابقة سواءً مع حدوث سابق لنزول المشيمة أو مع عدمه، غير أن نزول المشيمة قبلًا يُعزز فرص تكرار نزولها مرات أخرى.
- إصابة الرحم بالندوب الناتجة عن جراحاتٍ سابقة أهمها الولادات القيصرية.
- الخضوع لتدخلات جراحية سابقة بهدف إزالة ورم ليفي من داخل الرحم أو كشط الرحم للتخلص من بقايا الإجهاض.
- تعدد الأجنة بالرحم أي الحمل في توأم.
- بلوغ سن الحامل الـ 35 عامًا فما فوقها.
- نزول المشيمة أكثر شيوعًا بين النساء من الأعراق الأخرى غير العرق الأبيض وفق ما أكدته الإحصائيات العالمية.
- تدخين مُنتجات التبغ بشتى أنواعها.
- تعاطي مخدر الكوكايين حتى دون إدمانه.
قد يهمك أيضًا: الحمل في الأربعينات من عمر المرأة هل هو ممكن؟ وما هي مخاطره؟
أعراض نزول المشيمة
العلامة الوحيدة المُؤَكِدة على نزول المشيمة هي حدوث نزيفًا مهبليًا يتلون فيه الدم النازل بالأحمر الفاتح، مع العلم بأن نزولها خلال الفترة المُتوسطة ما بين الشهر الرابع إلى التاسع (النصف الثاني) من عمر الحمل يتسبب في حدوث النزيف دون الشعور بأي آلام مُصاحبة عند غالبية النساء، وهذا لا يُنفي أن بعضهن قد يُعاني من تقلصات رحميةٍ حادة.
المضاعفات الصحية لنزول المشيمة
بما أن الناتج الرئيسي عن نزول المشيمة هو حدوث النزيف المهبلي؛ فإن المُضاعفات الصحية لهذا خطيرة ومُهددة لحياة كلًا من الأم والجنين، حيث يُمكن أن ينزل النزيف بشكلٍ شديد وغير مُسيطر عليه أثناء المخاض أو مع الولادة بُعَيْدها في الساعات الأولى، وتبعًا لشدته قد تذهب حياة الحامل والجنين سُدى في لحظاتٍ معدودة.
ومن ناحيةٍ أخرى قد يستدعي النزيف المهبلي الشديد اللجوء سريعًا إلى إتمام الولادة بالجراحة القيصرية العاجلة حتى مع عدم اكتمال نمو الجنين، وهو ما يفسح المجال أمام احتمالية فقدان الجنين أو على الأقل استمرار نموه ولكن بمضاعفاتٍ صحية وأمراضٍ بدنية أو عقلية تهدد جودة حياته مُستقبلًا.
قد يهمك أيضًا: مرض الذئبة الحمراء هل هو خطير مع الحمل .. المخاطر المحتملة ونصائح هامة
كيفية تشخيص نزول المشيمة
بشكلٍ عام يُشخص نزول المشيمة عادةً خلال الثلث الثاني من الحمل، وفي سبيل التثبت من التشخيص يُستعان بفحص الموجات فوق الصوتية إما كإجراء روتيني دوري فيُكتشف معه النزول، أو عقب حدوث النزيف المهبلي.
علاج نزول المشيمة
يُمكننا القول أن إمكانية علاج نزول المشيمة يرتبط ارتباطًا وثيقًا بتشخيصه في المراحل الأولى للحمل، ولكن مع تقدم الحمل وزيادة نمو الرحم حجميًا تزيد درجة تغطية المشيمة لعنق الرحم وبالتالي لا فرصة للعلاج الحقيقي، ليستتبع الطبيب المسئول ذلك بمحاولة السيطرة على النزيف المهبلي وإنقاذ أيًا من الروحين (الأم أو الجنين) من الهلاك.
مما سبق يتضح لنا أن نزول المشيمة لا يتوفر له بشكلٍ مُباشر علاجًا طبيًا أو تدخلًا جراحيًا، وكل ما يُمكن فعله من قِبل الطبيب هو تنفيذ أفضل الخيارات المتاحة لحُسن إدارة النزيف.
لا تتعدى الخيارات المتاحة بيد الطبيب المُعالج مجموعة من النصائح والوصايا للتقليل منه، وإذا ما كان النزيف المهبلي شديدًا لا مفر من دخول الحامل إلى المستشفى للبقاء تحت الرعاية والملاحظة الطبية الفورية والطارئة، خصوصًا وأن النزيف الشديد قد يتطلب تعويض الدم المفقود، وإذا لم يُسيطر عليه يتطلب تحفيز مخاض الولادة مُبكرًا، وإذا ما هُددت حياة الجنين فلا مفر من اجراء الولادة القيصرية.
قد يهمك أيضًا: متى يُشكل مرض ارتفاع ضغط الدم خطرًا على الحامل وكيف يُمكن علاجه بسرعة؟
التوصيات الطبية عند نزول المشيمة جزئيًا
عادةً ما يُشدد الأطباء على تجنب مجموعة من الأنشطة والممارسات فور التثبت من نزول المشيمة؛ تجنبًا لزيادة مُعدلات انقباضات الرحم وما يتبعها من مُضاعفاتٍ صحية خطيرة على الأم والجنين، ومن أبرز الممنوعات:
- المنع المُباشر والنهائي عن الاتصال الجنسي.
- المنع من استعمال غسولات التطهير والسدادات القطنية مع المهبل.
- المنع من أداء التمارين الرياضية مثل القفز والجري والركل بالقدمين….. إلخ لأثرها على زيادة حدة النزيف.
نزول المشيمة أخطر مشكلاتها، وتهديده يطال حياة الأم والجنين، لذا لا مجال للاستهانة أو التكاسل عن الإلتزام بالفحص الدوري مع الطبيب المُختص طوال فترة الحمل، ولا سبيل للتقصير في تنفيذ التعليمات الطبية إذا ما تأكد تشخيص النزول.
للمزيد: ما هي اعراض الحمل المُبكرة؟ علامات إن ظهرت تأكدي أنك حامل