غالبًا ما تتكتّم المرأة عن مشاكلها النسائية، وربما تسكت عن آلامها وتتغاضى عن انزعاجها خوفًا أو خجلًا، وهذا خطأ، بل ينبغي على كل امرأة أن تراقب صرخات جسدها مهما ارتفعت أو خفتت، وخاصةً إذا كانت أكياس المبايض التي يجب الحذر منها.
فمن الممكن أن تكون مشكلة بسيطة وتتحول نتيجة إهمالها لمرض خطير، ومن المشكلات التي قد تتعرض لها الأنثى بشكل عام سواء أكانت عزباء أو متزوجة هي مشكلة أكياس المبايض.
والسؤال الذي سيتبادر لذهنك، هل تعد هذه المشكلة خطيرة؟
لن نستطيع أن نخوض في تفاصيل الجواب قبل الحديث عن فيسيولوجية المبيض وآلية عمله الطبيعية.
المبيض تحت المجهر
المبيض هو عضو من أعضاء الجهاز التناسلي لدى الأنثى، يتواجد مبيضان على جانبي الرحم، وهو العضو المسؤول عن إنتاج بويضة واحدة كل شهر، ويتم ذلك بتحريض من الغدة النخامية التي تفرز هرمون الـ FSH، فتتشكل الجريبات داخل المبيض وتبدأ بالنمو.
وعندما يكتمل نضجها ويصل حجمها لما يقارب 18-20ملم، تفرز الغدة النخامية هرمون الـ LH، فيفتح الكيس الحاوية على البيضة ليسمح بخروجها، مخلفًا الجسم الأصفر الذي يقوم بإفراز هرمون البروجسترون.
في حين تتجه البيضة إلى قناة فالوب ليتم التلقيح هناك، وتتابع البيضة طريقها إلى الرحم، حيث يتم التعشيش هناك.
ولكن هل هذا هو النوع الوحيد لكيسات المبيض؟ طبعًا لا، فهناك أنواع أخرى من أكياس المبايض.
أنواع أكياس المبايض
تتنوع أكياس المبايض، فمنها ما هو طبيعي ومنها ما هو مرضي، وسنفصل الحديث في كل نوع على حدة:
أكياس وظيفية
ولها نوعان: هما الكيس الجريبي، وكيس الجسم الأصفر.
الكيس الجريبي
إن دورة المبيض الطبيعية تقتضي إنتاج كيس يسمى الكيس الجريبي يحتوي على البيضة كما ذكرنا، ولكن تكمن المشكلة عندما لا تخرج البيضة من الجريب لسبب ما، فهنا تتابع البيضة نموها، ويزداد حجمها داخل المبيض.
وهذا ما قد يسبب بعض الأعراض مثل الآلام البطنية عند القيام بنشاطات معينة، إلا أن هذا الكيس غالبًا ما يختفي من تلقاء نفسه خلال شهرين أو ثلاثة أشهر.
كيس الجسم الأصفر
ما مصير الأنسجة الحاضنة للبويضة بعد خروج البويضة منها؟ سؤال قد يخطر ببالك، وجوابه:
أن دور هذه الأنسجة لا ينتهي هنا، فبعد انفجار الجريب وخروج البيضة تُشكل هذه الأنسجة ما يسمى بكيس الجسم الأصفر، الذي يقوم بإفراز الهرمونات التي تساعد على إتمام الحمل.
إلا أن دورة حياته قصيرة، حيث يبدأ بالانكماش ويتوقف عن إفراز الهرمونات وهذا ما يؤدي لنزول الطمث، وفي حالة تجمع الدم داخل كيس الجسم الأصفر فإن هذه الحالة تستلزم إزالة الكيس عن طريق التدخل جراحي.
ورم غدي كيسي
يطلق مسمى (ورم غدي كيسي) على هذه الحالة إلا أنه ليس من الأورام الخبيثة، وهي حالة نادرة الحدوث.
يظهر عند الشابات داخل أو خارج المبيض، ويحتوي على سوائل أو مادة لزجة مخاطية، ويمكن أن ينمو لدرجة كبيرة ويسبب المشاكل؛ لذلك يستحسن إزالته عن طريق العمل الجراحي عند اكتشافه.
كيس بطانة الرحم الهاجرة (chocolate cyst)
قد تنمو أنسجة من بطانة الرحم على المبيض نتيجة هجرة بطانة الرحم من الرحم إلى خارج الرحم بسبب مرض يسمى (البطانة الهاجرة)، وتتأثر هذه الأنسجة بالهرمونات التي تتأثر بها بطانة الرحم، فكلما سقط بطانة الرحم أثناء فترة الحيض تنزف هذه الأنسجة.
فإن كانت هذه الأنسجة على المبيض تنزف هذه الأنسجة داخل البطن، أما إن كانت داخل المبيض فتنزف ضمن أكياس تسمى هذه الأكياس بـ (أكياس الشكولاتة) لاحتوائها على دم غامق اللون.
الكيس الجلداني Dermoid Cyst
يعد هذا الكيس من الأورام الحميدة، ويحتوي على الأنسجة الدهنية والجلد والشعر والأسنان، ويُتوقع أن تكون هذه الكيسة موجودة عند المرأة منذ الولادة، وتظهر خلال فترة الخصوبة عند المرأة، وقد لا تترافق مع ظهور أعراض إلا إذا ازداد حجمها، فقد تؤدي حينها إلى التفاف الرحم وآلام في أسفل البطن.
تكيس المبايض Polycystic Ovarian Syndrom
إن أهم أسباب ظهور الأكياس على المبيض هو متلازمة المبيض متعدد الكيسات، إذ يعد تكيس المبايض عرضًا من أعراض هذه المتلازمة.
حيث يظهر على المبيض العديد من الأكياس الصغيرة والتي لا تصل لمرحلة النضج وبالتالي لا تخرج من الجريب، ولذلك غالبًا مَن تعاني مِن المبيض متعدد الكيسات تحدث عندها دورات لا إباضية.
وما هي الدورات اللا إباضية؟ هي الدورة الشهرية التي لا يحدث فيها إباضة.
الأكياس السرطانية
نادرًا ما تحدث عن السيدات الشابات، وغالبًا ما تحدث عند المرأة بعد سن اليأس، ولذلك يجب التأكد من أي كيس يتواجد على المبيض عندما تكون المرأة في سن اليأس، ويجب مراقبته بحذر.
لم يتم حتى الآن التوصل إلى سبب مباشر يؤدي لظهور الأكياس السرطانية على المبيض، ولكن هناك العديد من العوامل التي تساعد على ظهورها غير مسألة التقدم في العمر مثل:
التدخين، الوزن الزائد، استخدام منشطات الإباضة، استخدام العلاج الهرموني للتخفيف من أعراض سن اليأس، عدم الإنجاب، ترك الرضاعة الطبيعية، وجود عامل وراثي.
ما هي أعراض أكياس المبايض
قد تصاب المرأة بعد البلوغ سواء أكانت متزوجة أو عزباء بأكياس المبايض دون أن تشعر بذلك، ودون أن تُعاني من أية أعراض، وقد تُعاني من أعراض مثل:
- آلام خفيفة أسفل البطن أو أسفل الظهر.
- آلام عند ممارسة العلاقة الحميمة.
- آلام أثناء التبرز.
- انتفاخ في البطن.
- اضطراب في الدورة الشهرية.
- تأخر الحمل.
- آلام قبل الدورة وأثناءها.
- فقدان للشهية، وأحيانًا غثيان أو تقيؤ.
- الأكياس كبيرة الحجم قد تتسبب في التفاف المبيض – عند السيدة ذات الحركة السريعة- وهذا ما يؤدي لآلام شديدة وتموّت المبيض بسبب نقص التروية.
- انفجار أكياس المبايض الذي يؤدي لآلام شديدة ومفاجئة، وحدوث نزيف قد يودي بحياة المريضة إن لم يتم التدخل الجراحي السريع.
- في حال كان تكيس المبايض هو عرض لمتلازمة المبيض متعدد الكيسات فقد يترافق معه نمو الشعر الزائد في الجسم، وتساقط شعر الرأس، والوزن الزائد، واضطراب في الطمث، وظهور حب الشباب.
كيف يتم اكتشاف أكياس المبايض؟
- التصوير بالموجات فوق الصوتية.
- إجراء تحليل دم للكشف عن هرمون الحمل.
- إجراء تحليل دم لاكتشاف بروتين CA-125: يرتفع هذا البروتين عندما تكون الأكياس سرطانية، ولكن لن يكون دقيقًا إذا كانت المريضة شابة.
- إجراء سونار مهبلي.
- منظار البطن: وهو إجراء تشخيصي وعلاجي، من خلال عمل ثلاث ثقوب في البطن وإدخال أنبوب رفيع وكاميرا يتم الكشف من خلالها عن وضع البطن والحوض.
- تصوير البطن باستخدام الطبقي المحوري: الذي يساعد على معرفة طبيعة الكيس، وهل هو ورم خبيث أم حميد.
طرق علاج أكياس المبيض
مراقبة الكيس
إن أولى خطوات العلاج هي المراقبة، وذلك من خلال:
السيدة في سن الإنجاب
إن أغلب الأكياس التي يتراوح حجمها ما بين 2: 5 سم تختفي من تلقاء نفسها في غضون 8: 12 أسبوع عند السيدة في سن الإنجاب.
ولكن يجب متابعة المريضة مرة كل شهر لثلاثة أشهر للتأكد من عدم حدوث تطور سلبي كتغير حجم الكيس، ولابد من أن تستمر متابعة المريضة بعد أربعة أشهر من اختفاء الكيس.
السيدة في سن اليأس
أما في حال ظهرت الأكياس عند سيدة قد دخلت في سن اليأس فهذا يقتضي المزيد من التقصي عن طبيعة الكيسة وحجمها وشكلها، وإجراء تحليل لفحص بروتين CA-125، بالإضافة للمراقبة الدورية.
العلاج بحبوب منع الحمل
تُعالج الكيسة المصلية بحبوب منع الحمل، فعندما يتوقف المبيض عن العمل تجف الكيسة، ولكن هذا الإجراء ينفع في حال كانت الكيسة مصلية، أما إن كانت مخاطية أو دموية فلن تتراجع على حبوب منع الحمل، ولابد في هذه الحالة من اللجوء للعمل الجراحي.
يتم العلاج بحبوب منع الحمل لمدة ثلاثة أشهر، وفي حال ثبت وجود مبيض متعدد الكيسات لابد من علاج السيدة باستخدام دواء (ميتفورمين) الذي يساعد على عدم تشكل كيسات أخرى، ولكن يجب استشارة الطبيب أولًا.
اللجوء للعمل الجراحي
في حال عدم استجابة الكيسة للعلاج فكما ذكرنا لابد من إجراء عمل جراحي لاستئصالها، ويكون استئصالها إما من خلال عمل تنظير للبطن، أو عملية فتح بطن، ويشمل ذلك كل من الحالات التالية:
- الكيس الجلداني: وهو الذي يحتوي على مواد صلبة كالشعر والجلد والأسنان.
- كيس مصلي لم يختفي بل زادت أعراضه، أو ازداد حجمه فصار أكثر من 5: 10سم.
- كيس مخاطي أو كيس دموي: فلن ينفع معها العلاج بحبوب منع الحمل.
- كيس تبين أنه ورم سرطاني: ولابد في هذه الحالة من أن يترافق العمل الجراحي مع العلاج الكيماوي والإشعاعي لقتل الخلايا السرطانية.
تحذيرات
- من الممكن اللجوء للتنظير لاستئصال كيس المبيض إلا أن احتمالية الانتكاس واردة جدًا.
- قد يقوم بعض الأطباء بإجراء عملية جراحية لاستئصال كيس المبيض ونظرًا للتماس الكبير بين الكيس والمبيض يقوم باستئصال نواة المبيض، ولذلك يجب تفادي هذا الخطأ من خلال فتح الكيسة أولًا ثم إزالة الغشاء المبطن للكيسة، وبهذا الشكل يضمن سلامة المبيض.
فلابد لك سيدتي من الإلمام بكافة تباعيات هذه المشكلات، والعمل على إجراء فحوص دورية كي تتداركي هذه المشكلات قبل أن تقودك إلى مشاكل لا يحمد عقباها.
فكيس المبيض البسيط يمكن علاجه من خلال الأدوية، وكيس المبيض المُعقد يمكن مراقبة تطوره وتدارك مخاطره قبل وقوعها.
وحتى أكياس المبيض السرطانية يمكن السيطرة عليها في حال الاكتشاف المبكر للمرض وقبل انتشاره، ولذلك عليكِ ألا تتهاوني سيدتي بالمراقبة الدورية فهي سبيل الوقاية الأول.