يعد مرض الهربس الفموي من الأمراض الفيروسية التي يكتنفها الغموض إلى حدٍ ما، خصوصًا مع العلم بأنه من الأمراض التي تنتقل بالعدوى، وكذلك التي يكمن الفيروس المُتسبب فيها خاملًا بالجسم دون مؤشراتٍ على وجوده حتى نشاطه وتأثيره.
في هذا المقال سنتعرف على الهربس الفموي وأسبابه وأعراضه.
ما هو الهربس؟ ومما ينشأ؟
الهربس عبارة عن مرض فيروسي يتسبب فيه نوعًا معروف من الفيروسات هو فيروس الهربس البسيط، وهو عبارة عن فيروس تحتوي خلاياه في تركيبها البنائي على مادة الـ DNA الموجودة بجسم الإنسان، ولذلك يُعتبر الإنسان هو المُستضيف الوحيد للفيروس، بمعنى أنه من الفيروسات التي لا يُمكنها العيش والتطور داخل أي نوعٍ آخر من الكائنات الحية سوى الإنسان.
وينقسم فيروس الهربس إلى نوعين رئيسيين، الأول هو فيروس الهربس البسيط ذو النمط رقم 1 ويُرمز له اختصارًا بـ HSV – 1، والثاني هو فيروس الهربس البسيط ذو النمط رقم 2 ويُرمز له اختصارًا بـ HSV – 2.
- وتجدر الإشارة إلى أن كلا النمطين متشابهين تمامًا، غير أنهما لا يتطابقان من حيث:
- نوع الأجسام المضادة التي يُطلقها الجهاز المناعي للمقاومة، والتي تُعرف باسم “المستضدّ”.
- وأيضًا مختلفين من حيث شكل وطريقة نمو مُستنبت الخلايا.
- من حيث مُعززات انتشار العدوى بكل فيروس منهما، أو ما يُعرف باسم “الخارطة الوبائيّة”.
- وأخيرًا من حيث صورة ظهور العدوى على الجسم البشري، حيث من المُمكن أن تظهر العدوى على شكل الهربس الفموي أو على شكل الهربس الجنسي (المهبلي بالأساس).
غير أن مسار تطور الفيروس داخل الجسم بعد الإصابة الفعلية بالعدوى واحد مع النوعين بغض النظر عن نمط الفيروس أو موقع الإصابة بالجسم.
والخلاصة أن فيروس الهربس يُمكنه إصابة أي منطقة بالجسم البشري، غير أن الشائع هو ظهوره على صورة الهربس الفموي حيث تتركز عدوى الفيروس في مناطق الفم والبلعوم، وعادةً ما يكون النمط رقم 1 هو أساس المُشكلة، أو أن تتركز العدوى في المنطقة التناسلية بكل أعضاءها، وغالبًا ما يكون نمط الفيروس رقم 2 هو السبب، وهذا لا يُنفي أن النمط رقم 1 يُمكنه إصابة المنطقة التناسلية أيضًا.
قد يهمك أيضًا: مرض الذئبة الحمراء هل هو خطير مع الحمل .. المخاطر المحتملة ونصائح هامة
معدلات انتشار الفيروس
تشير الإحصائيات المُتخصصة إلى أن انتشار فيروس الهربس ذو النمط 1 يرتفع بين الأطفال مسببًا ما لا يقل عن 80% من حالات إصابتهم بالهربس الفموي، بينما الهربس من النمط 2 فغالبًا ما تنتشر العدوى به عبر الممارسة الجنسية، لذلك لا تتوفر أرقامًا دقيقة ومُباشرة عن مدى انتشاره بمُختلف دول العالم وبخاصة الدول العربية.
وكل ما أثبتته الدراسات أن حالات العدوى به في البلدان الأوروبية في تزايد مُستمر وملحوظ، بينما تبقى بسيطة ومحدودة في الدول العربية.
أعراض الهربس الفموي
التلوث الأولي بالفيروس لا يُشترط معه ظهور الأعراض، حيث من المُمكن أن يدخل الفيروس إلى الجسم ليبقى كامنًا لفترة زمنية غير محددة المواقيت، وما تلبث أن تظهر الأعراض لاحقًا عند نشاطه.
مع العلم بأن الأعراض الواقعة مع التلوث الأولي بالفيروس أو مع نشاطه الفعلي لأول مرة بالجسم تتميز بالشدة والوضوح مقارنةً بالأعراض المُصاحبة لنشاط الفيروس لمراتٍ أخرى غير المرة الأولى، وأشهر أعراض الهربس الفموي ما يلي:
- ظهور بثور حول الفم وعلى الشفاه، حيث تأخذ شكل الجيوب وتكون مليئة بالسوائل، وهي تتجمع بالأساس تحت سطح الجلد في منطقة الفم والشفاه.
- ظهور تكيسات حول الفم وداخله.
- ظهور ندوب حول الشفاه.
- التهاب الجلد حول الفم، والتهاب تجويف الفم.
- الشعور بالتنميل الشديد في منطقة ما حول الفم.
- الحكة.
- الشعور بحرقة حول الفم وداخل تجويفه.
- من المحتمل أن ترتفع درجة حرارة الجسم.
- الشعور بالصداع وآلامٍ من بسيطة إلى متوسطة بالرأس.
- احتقان البلعوم.
- الشعور بآلامٍ في عضلات الجسم وأهمها عضلات الوجه.
- من الوارد أن تنتفخ الغدد الليمفاوية بالرقبة.
قد يهمك أيضًا: متى يُشكل مرض ارتفاع ضغط الدم خطرًا على الحامل وكيف يُمكن علاجه بسرعة؟
أسباب الإصابة بالهربس الفموي
أشرنا إلى أن الهربس الفموي هو مرض فيروسي ينتقل بين البشر بالعدوى المُباشرة، ولذلك فإن أسبابه هي بالأخص كل الأسباب والعوامل التي من شأنها تعزيز فرص انتشار العدوى، ومنها مُشاركة المُصابين بالمرض في استخدام متعلقاتهم الشخصية مثل المناشف وأدوات تناول الطعام ومُستحضرات التجميل، وكذلك الاتصال المُباشر بالتقبيل ومُلامسة الوجه.
وما إن تحدث العدوى حتى يستقر الفيروس بالجسم خاملًا، لينشط وفق عوامل ومُقدمات، ويظل هكذا الحال مستمرًا إلى ما لا نهاية، مع العلم بأن نشاطه لمراتٍ تالية لما بعد المرة الأولى قد يكون في نفس المنطقة الجسدية بظهور ذات الأعراض، أو في مناطق أخرى من الجسم، وبمعنى أدق قد تأتي الإصابة الأولى في صورة الهربس الفموي، وتأتي الإصابات التالية على نفس الصورة أو في صورة الهربس الجنسي.
ومن أبرز عوامل تنشيط الفيروس الكامن داخل الجسم وعودة الهربس الفموي:
- الإصابة بالتهاب فيروسي آخر.
- ارتفاع درجة حرارة الجسم لأي سبب.
- حدوث تغيراتٍ هرمونية بالجسم كتلك التي تحدث بفعل الحمل مثلًا.
- اعتلال الصحة النفسية والمُعاناة من الاكتئاب أو التوتر أو القلق.
- طول التعرض المُباشر لأشعة الشمس.
- حدوث تغير في مناعة الجسم.
قد يهمك أيضًا: الحمل في الأربعينات من عمر المرأة هل هو ممكن؟ وما هي مخاطره؟
المُضاعفات الصحية للهربس الفموي
تكرار نشاط الفيروس وظهور أعراض الهربس الفموي قد يتطور لاحقًا إلى مُضاعفاتٍ صحية أشد، منها:
- التهاب أصابع اليد.
- التهاب العينين وما يتبعه من مُشكلاتٍ في جودة الرؤية.
- ظهوره في مناطق أخرى من الجسم بالتزامن مع ظهوره حول الفم، وأكثر من يُعاني من هذه المُضاعفة الصحية هم مرضى الإكزيما.
آلية تشخيص الهربس الفموي
يُشخص المرض بناءً على الأعراض السريرية من خلال مُلاحظة فقاقيع هوائية صغيرة ومُتلاصقة على الجلد حول الفم وعلى الشفاه يخرج منها سائل أصفر اللون وأقرب إلى البياض، كما قد يضطر الطبيب إلى أخذ عينة منها لفحصها معمليًا في ظروف خاصة لتحديد المُضادات المُناسبة لمقاومتها.
علاج الهربس الفموي
الفيروس نفسه يصعُب القضاء عليه نهائيًا، وما تنشده البروتوكولات العلاجية هو منع تفاقم الأعراض، وكذلك الحد من تكرار ظهور الفقعات على الجلد على فتراتٍ زمنية قصيرة، وأشهر الأصناف الدوائية المُحققة لهذا الغرض الأدوية ذات مادة الأسيكلوفير الفعالة.
كما يُمكن استعمال مُضادات الفيروسات التي لا تحتاج إلى وصفة طبية مثل أدوية الدوكوسانول والكحول البنزيلي، هذا إلى جانب اشتراط مجموعة من المحاذير الصحية لمنع نقل العدوى، وكذلك للحد من العوامل التي تزيد نشاط الفيروس الموجود بالجسم.
قد يهمك أيضًا: الغذاء الصحي هو الطعام المتوازن خاصةً فترة الحمل … أنواع الغذاء الصحي وفوائده للجسم
الهربس الفموي والحمل
في حالة الحمل لا يُمثل علاج الهربس الفموي أي خطورة على صحة الأم ولا على صحة الجنين، وكذلك طرق علاجه، حيث إنه يُضاف إلى ما سبق من علاج طرق أخرى أكثر أمانًا مع طبيعة المرأة الحامل التي تُمنع من تناول العديد من الأصناف الدوائية، ولذا حال ظهور الهربس الفموي وقت الحمل يُنصح بإتباع الآتي لعلاج الأعراض:
- استعمال عُشبة المليسا والتي تُعرف أيضًا باسم بلسم الليمون، حيث إنها فعالة في تخفيف الاحمرار والتورم والتقرحات حول الفم، كما أن تناول مستخلص غليان أوراق عشبة المليسا يقي مُستقبلًا من قرح البرد.
- استعمال الثلج بوضعه على منطقة حول الفم، وبالرغم من أنه لا يُقلل مدة ظهوره إلا أنه يُخفف من حدة الالتهاب والألم.
- جل صبار الألوفيرا مفيدًا جدًا في تخفيف التهابات البشرة.
- الاهتمام باستعمال واقيات الشمس للحد من تكرار ظهور الهربس الفموي.
الهربس الفموي ليس مرضًا خطيرًا مع الحمل، ولكنه يحتاج إلى عناية واهتمام لمنع تكرار ظهور آثار الفيروس الخامل بالجسم.
للمزيد: ما هي اعراض الحمل المُبكرة؟ علامات إن ظهرت تأكدي أنك حامل