ما هو تعريف إبرة الظهر وكيف يتم الحقن بها؟ هل مفعول إبرة الظهر المُخدرة كالتخدير الكلي من حيث عدم الشعور بالألم نهائيًا أم أنها تخفف الشعور بالأم فقط؟ وما هي الأثار الجانبية بعد الحقن بإبرة الظهر للولادة بدون ألم؟ وهل يُنصح بها لظروف معينة أم من الممكن لكل حامل أن يتم تخديرها بها؟
من نعم الله على البشر عامةً وعلى الأنثى خاصةً بأن حباها ورزقها نعمة من أعظم النعم وهي الإنجاب، فهذه نعمة تستحق أن نشكر الله جل في علاه عليها طوال الوقت، فالحمل والولادة من الأمور الممتعة جدًا للأنثى ولكن يشوبها بعض القلق والخوف من عملية الولادة وما يصاحبها من آلام، فهذا الكابوس الذي يراود السيدات الحوامل كلما اقترب موعد الولادة.
ولكن هناك دائمًا ما يساندنا وهو الله تعالى العطوف الرؤوف بعباده الضعفاء، فسخر لخلقه بعض خلقه، وخدم الإنسانية بتطوره للعلوم الحديثة في علاج آلام الإنسان وتسكين آلامه كالتخدير الذي هو من أهم ما أتى به العلم إلينا جميعًا.
هناك دائمًا من يتألم وبدون وصول التخدير إلينا لسمع صرخاتنا العالم في كل لحظة تمر علينا.
كل ما يخص إبرة الظهر للولادة بدون ألم
هناك العديد من الطرق العلمية المستخدمة للحد أو تخفيف ألم الولادة سنلقي بعض الضوء عليها قبل التعرف على أقلها أضرارًا وهي إبرة الظهر ومنها:
- عقار pethidine: وهو مُسكن عن طريق الحقن، وتستخدمه أكثر دول العالم النامية لأنه من الطرق الأكثر فاعلية في تسكين الألم، فهو ذو فاعلية محدودة من أربع إلى ست ساعات، ويمكن تكـراره ولكن الأطباء لا يفضلون ذلك للبُعد عن التأثير السلبي على الطفل، ولذا بما أن مفعوله يزول قبل إتمام الولادة كليًا فيُعد طريقة غير مثلى في الولادة بدون ألم.
- استنشـاق مخلـوط من غاز أُكسجين وأُكسيـد النيتـروجين عـن طـريق القناع الذي يوضع على وجه الحالة، وهذا يسبب هلوسة وهياج وعدم استقرار للحالة النفسية للسيدة وقت ولادة طفلها لذلك لا يفضله البعض.
- تخدير موضعي لفتحة المهبل: وهو لا يعطى إلا عند خروج الرأس للمولود لتخفيف الألم الناتج عن توسيع المهبل في آخر مراحل الولادة وخياطة الجرح.
- إبرة الظهر: وهي طريقة مثلى للحد من ألم الولادة، وهناك بعض الإحصائيات لاستخدام إبرة الظهر في الولادة وهي:
الولايـات المتحـدة تستخدم إبرة الظهر بنسبة تتراوح ما بين 35: 40%.
اسكاندنافيـا تستخدم إبرة الظهر بنسبة تتراوح ما بين 30: 60%.
فرنسـا تستخدم إبرة الظهر بنسبة تتراوح ما بين 30: 40%.
معلومات توضيحية عن إبرة الظهر للولادة
هي إبرة (الإيبيدورال) التي تُوضع في ظهر الحالة بتخدير موضعها بالمخدر، ومن ثم إدخال الأنبوبة البلاستيكية الرفيعة، وه
ي ما تسمى بـ(القسطرة) لمكان خارج الأم الجافية في ظهر الحالة، وباستقرار القسطرة في ظهرها تُنزع إبرة الظهر بعد التأكد من تثبيت القسطرة في المكان الصحيح لها.
ثم يتم تثبيت القسطرة بالشريط اللاصق، ويثبت الفتحة الأخرى للقسطرة على كتف الحالة، ومن ثم يتم الحقن في هذه الفتحة بجرعات من المُخدر حيث تقوم الحالة بالاستلقاء على الظهر دون إعاقة للأنبوب الرفيع الموضوع داخل الظهر لشدة رفعه وليونته، فلا تشعر به السيدة في ظهرها أبدًا.
ولا تستخدم إبرة الظهر لعمليات الولادة لتخدير الساقين والحوض والبطن فقط بل تستخدم في العمليات الكبرى لاستخدام القسطرة للحد من الألم وتسكينه، وعمليات الساق وأسفل البطن أيضًا.
وتُحقن على يد طبيب متخصص مع استمراره بجوار الحالة أثناء العملية مع الطاقم المختص بالتوليد لحين الانتهاء منها في أمان والاطمئنان على صحة الأم بذهاب أثر التخدير من جسمها.
ما هي طريقة إعطاء إبرة الظهر للحالة؟
يقوم الطبيب المختص بتركيب ما يسمى بالوريد الطرفي، ويتم سريـان محلول بهذا الوريد، ويقوم الطبيب بنصح الحالة بالجلوس بالسرير مستديرة ظهرها بمواجهة الطبيب المختص بالتخدير محتضنة بوسادة لانحناء ظهرها بصورة سليمة قدر الإمكان.
ويقوم الطبيب بفتح المسافة التي بين فقرات الظهر، وعلى السيدة تنفيذ التعليمات الصادرة من المختص بالثبات في وضع يسهل وضع الإبرة حتى تكون مهمته سهلة.
فتعاون السيدة مع الطبيب المختص والعكس يسهل العملية كلها، فالطبيب عليه أن يتوقف إذا شعرت السيدة بألم الطلق ويدعها تسترخي لحين الانتهاء من هذا الألم ثم يكمل عمله من وضع إبرة الظهر، وبعد تثبيت القسطرة والتأكد من صحة مكانها يتم نزع الإبرة فقط من القسطرة وتُترك القسطرة مكانها في ظهر الحالة لوضع مادة التخدير بها.
يتم تعقيم ظهر السيدة ويفرش عليه غطاء معقم، ثم يحقن بالمخدر الموضعي حتى يسهل الحقن بإبرة الظهر دون ألم بين فقرتين في ظهر السيدة بعمودها الفقري، وتُثبت القسطرة على كتف السيدة باللاصق الطبي كما بينا بالأعلى، بينما لا تزيد عملية وضع القسطرة عن العشرة دقائق وهذا على أعلى التقديرات.
ثم تنام السيدة على ظهرها ويتم حقنها بجرعة اختبارية من مادة التخدير، بعدها يُحقن باقي المادة بفتحة القسطرة، ويستمر تكرار وضع جرعات متتالية كلما زاد وقت الولادة حتى لا تشعر السيدة بألم الولادة نهائيًا.
وفي هذه العملية ما تشعر به السيدة هو التنميل والخذلان والثقل في رجليها ويصعب تحريكهما، والشعور بالنعاس مصاحبًا برجفة ورعشة وميل إلى القيئ، وهو الشعور الطبيعي في عملية الولادة.
فيقوم الطبيب بحقن السيدة بدواء لمنع هذا الشعور مع استمرار بقاء القسطرة كما هي حتى يتمكن الطبيب من أن يحقن بها المخدر على جرعات وأي مادة أخرى تحتاج إليها المريضة في عملية الولادة لحين الانتهاء من هذه العملية، وتمتد عمليه الولادة ما بين الساعة إلى الساعتين وتمتد في بعض الأحيان إلى الأربع وعشرين ساعة.
وبانتهاء عملية الولادة يتم نزع القسطرة، وعلى الطبيب أن يتأكد من أن القسطرة سليمة وكاملة وهو إجراء روتيني للتأكد من سلامة العملية.
وهذا الفيديو يشرح كيف تتم عملية الحقن بإبرة الظهر.
هل لإبرة الظهر تأثير سلبي أو إيجابي على السيدة مع تقدم السن أو على المولود؟
إبرة الظهر ككل شيء لها فوائدها وأضرارها، لكن بتعدد فوائدها لا نلقي بالًا للتأثير السلبي وتتمثل الآثار الإيجابية والسلبية في كلٍ من:
الأثار الإيجابية لإبرة الظهر ومميزاتها
- تزيد من تدفق الدم إلى الرحم والمشيمـة، فتكون انقباضات الرحم منتظمة.
- تقوي ضخ الأوكسجيـن للطفل أكثر من الولادة الطبيعي والقيصري.
- عدم المخاطرة بحدوث أي مشاكل ناتجة عن المخدر العام.
- إبرة الظهر أكثر أمانًا من غيرها كالتخدير العام لأن نسبة المخدر بها أقل من النسبة في التخدير العام فلا يوجد مخاطرة ناتجة عنها.
- المشاركة الفعلية للأم في هذه العملية تسهل أيضًا على الطبيب عمله، ويجعل الأم تستمتع بوقتٍ ممتع من حياتها.
- تقلل النسبة لفقدان الدم.
- تقلل نسبة للوفيات في السيدات عند الولادة.
- تقلص نسبة الألم وقت الجراحة وبعدها.
- تمنع الشعور بالألم أثناء وبعد العملية.
الأثار السلبية لإبرة الظهر
هناك سلبيات ولكنها نادرًا ما تحدث وسرعان ما تزول وهي:
- ألم في الظهر موضع الإبرة، وعن إحصائية يكون بنسبة 1% ويتم علاجه بنوع مسكن بسيط يختفي بالوقت.
- انخفاض في الضغط.
- دوخة.
- حكة.
- تشنجات.
- ضيق تنفس.
- فقدان للوعي.
- الضعف التدريجي للطرف العلوي.
- صداع ونادر حدوثه ويلزم فيه استشارة الطبيب، ويمكن تجنبه بالحفاظ على الضغط ثابت قبل عملية الولادة، واختيار الطبيب لإبرة تناسب ظهر الحالة.
- شائعة حدوث شلل ولم يسجل أي حالة على مر السنوات الماضية في العالم كله، ومن المعروف أن هذه الشائعة من القدم لأكثر من 50 عامًا حينما كان الدواء مختلف والإبرة نفسها كبيرة وغليظة، ولم يكن هناك تمرين بما يكفي على إعطائها للمريضة، فكل هذا من الممكن جدًا أن يحدث شلل أو غيره من المضاعفات.
فهذه الشائعة الآن لا صحة لها، وحدوث مضاعفات كهذه من الأمور البعيدة عن واقعنا العلمي الآن، فعلميًا إذا كان كل شيء يحدث بالطريقة الصحيحة له فلا مجال لاحتمال المضاعفات التي يتساءل الكثير عنها، وتقلق أغلب السيدات.
يتم استدعاء الطبيب على الفور عند حدوث هذه الأشياء وهي:
- ارتفاع درجة حرارة الأم لأكثر من 38 درجة.
- تساقط سائل من المنطقة التي تم الحقن بها.
- عدم قدرة الأم على تحريك أحد أطرافها.
هل إبرة الظهر ملائمة لكل السيدات عند الولادة؟
هناك كثير ممن تناسبهم حقنة الظهر، وهناك بعض الحالات من السيدات يعـانين من بعض الأمراض التي لا تسمح بحقنهن بإبرة الظهر لخطورتها على حالتهن وسنتعرف على كليهما:
تُنصح إبرة الظهر لكلٍ من:
- السيدة الحامل للمرة الأولى.
- مع تكرار الحمل.
- السيدة التي لا تعاني من الأمراض الخطيرة.
لا يُنصح بإبرة الظهر لكلٍ من:
- مريضة الضغط.
- الحامل صاحبة مرض السيولة بالدم أو تتناول دواء يزيد من السيولة.
- إذا رفضت الحالة استخدامها.
- مريضة القلب.
- من تعاني من تسمم حمل.
- من تعاني من ارتفاع حاد في درجة الحرارة.
- إذا كانت هناك حساسية من التخدير بإبرة الظهر.
- النزيف الحاد.
- إذا كان هناك مشاكل في ظهر المريضة ولم يتمكن الطبيب من تحديد المكان لوضعها.
وتوجد حالات عكس الحالات السابقة والمُشار إليها بالنصح بالحقن بإبرة الظهر، وفي هذه الحالات ينصح الطبيب بإعطاء المريضة مخدر عام أو ما يراه مناسبًا لحالتها.
وهذا فيديو يشرح ويوضح عدة أشياء عن إبرة الظهر أثناء الولادة.
ما هو التوقيت المناسب لحقنة الظهر؟
الوقت المُناسب للحقن بإبرة الظهر عند بداية عملية الولادة واتساع عنق الرحم للحامل حتى يصل من 3 سم إلى 4 سم، وحين يقرر الطبيب المختص بالتوليد باتفاقه مع طبيب التخدير بالحقن في هذا التوقيت.
هل يوجد ضرر من تكرار الحقن بإبرة الظهر مع تعدد الولادات أو مع الولادة القيصرية؟
لا توجد أي ضرر من الحقن بإبرة الظهر عدة مرات متتالية، وبإحصائية بسيطة قمنا بها وجدنا أن هناك حوامل في بعض المستشفيات تجاوزن تكرار الحقن بإبرة الظهر الثلاث مرات.
أما إذا كانت الولادة قيصرية في هذه الحالة يوجد فائدة هامة للقسطرة الموضوعة بظهر السيدة الحامل، يستخدمها الطبيب للحقن بمادة مخدرة على مراحل متتالية لتسكين الألم حتى بعد الانتهاء من عملية الولادة، وبناءً على هذا فإبرة الظهر تجعل السيدة في مأمن من الألم خلال مدة الولادة وليومين بعد عملية الولادة القيصرية فيساعد ذلك على شفاء أسرع إن شاء الله.
فالولادة بدون ألم الحلم الذي يراود أغلب الحوامل، والحمد لله الذي أرسل إلينا أُناس مسخرين لخدمة البشرية وتقدم العلم حتى تحقق حلم هؤلاء السيدات، وتغير الوضع نهائيًا من خوف ورهبة سابقة ليوم الولادة إلى متعة بالغة لرؤية السيدة مولودها وهو يخرج إلى الدُنيا.
فإبرة الظهر من أنواع التخدير التي تخاف من ذكرها كثير من السيدات لعدم إمدادهم بالمعلومات الكافية عنها، وقد تم كتابة هذا الموضوع بغرض الفائدة وتعليم من لا علم لديهن، وإمدادهم بالمعلومات الكافية عن إبرة الظهر، ولم يتوقف العلم عند حد معين إن شاء الله.
اترك تقييم