اللجوء إلى الحقن المجهري بعد القيام بربط قناة فالوب كوسيلة لمنع الحمل قد يكون خيارًا طبيًا متاحًا وذو نتائج فعالة، لكن الأمر من الناحية العملية ليس سهلًا مُقارنةً بالتأصيل النظري، وبناءً على ذلك كان لزامًا التفصيل في ماهية ربط قناة فالوب ومدى نجاح الحقن المجهري معه، وهذا ما ستخبرنا به السطور التالية.
ما هي قناة فالوب؟
هي بالأساس قناة واحدة ذات فرعين، أو بالأحرى يُمكننا القول بأنها قناتين يتراوح طول الواحدة منهما بين 7 سم إلى 9 سم، تربط هاتين القناتين بين المبايض وتجويف الرحم، وبالتالي هي السبيل الوحيد لانتقال البويضة بعد إنتاجها من المبيض إلى داخل الرحم.
في بعض الأحيان قد تُصاب قناة فالوب بالتلف أو بخللٍ صحي مُعين مما يستدعي استئصالها، وفي أحيانٍ أخرى تلجأ السيدات إلى ربط بوق القناتين؛ للحيلولة دون وصول البويضات إلى الرحم كوسيلة لمنع الحمل، وهذه الطريقة أصبحت شائعة الاستخدام في السنوات الأخيرة، خصوصًا مع انتشار فكرة قدرة الحقن المجهري على تعزيز فرص الإنجاب حتى مع ربط قناة فالوب.
كيفية ربط قناة فالوب
واحدة من مؤكدات قدرة تقنية الحقن المجهري على إحداث الحمل هي الآلية التنفيذية لعملية ربط قناة فالوب، ففيها يقوم الطبيب بخياطة بوق القناة مُستخدمًا بِنْسَة جراحية خاصة، والهدف من هذه الخياطة هو غلق فتحتي القناتين، مما يؤدي إلى منع الحيوانات المنوية من الدخول إليهما للقاء البويضات وتخصيبها.
وجدير القول أن بعض الحالات المرضية قد لا يكفيها غلق مداخل القناة، وهو ما يضطر الطبيب إلى قطع جزءً منها أو إزالة أحد الفرعين أو كلاهما بشكلٍ كامل.
وتجدر الإشارة ههنا إلى تقنية طبية جديدة أصبحت تُستعمل بكثرة في الوقت الراهن لغلق قناة فالوب، وهي -اختصارًا- عبارة عن تعقيم قناة فالوب، ثم إدخال أنواعًا خاصة من اللفافات إلى داخل القناة عبر المهبل بواسطة أجهزة تقنية حديثة.
وهذه اللفافات تعمل على تحفيز الجسم على تكوين أنسجة جديدة حولها، ومن ثَم تُسد قناة فالوب كليًا، وغالبًا ما يبدأ الجسم في تكوين هذه الأنسجة في غضون ثلاثة أسابيع من إجراء العملية.
كفاءة الحقن المجهري مع ربط أو استئصال قناة فالوب
ينبغي العلم ابتداءً أنه طالما استمر وجود المبايض والرحم فإن الدورة الشهرية ستستمر لا محالة، بل إن بقاء قناة فالوب واحدة على حالها مع مبيض واحد والرحم يجعل فرص الحمل الطبيعي قائمة بإمتياز ولا حاجة أبدًا للتوجه إلى الحقن المجهري، حتى إن هذه الكيفية يُشترط معها استعمال وسائل منع الحمل في حالة عدم الرغبة فيه.
ما يُشار إليه فيما يخص العلاقة بين كفاءة الحقن المجهري وقنوات فالوب؛ فيُقصد به مدى نجاح الحمل باستعمال الحقن المجهري في حالات إزالة قناتي فالوب إزالة كلية أو ربطهما بشكلٍ كامل يمنع وصول الحيوانات المنوية إلى تجويفهما.
أثبتت الدراسات البحثية والتجارب الواقعية أن تلف أو مرض أو استئصال أو ربط قناة فالوب يحول دون حدوث الحمل الطبيعي بلا أدنى شك، أي أنه لا خيار للمرأة في هذه الحالات، ولكن مُنذ اكتشاف تقنية الحقن المجهري أصبح بالإمكان حدوث الحمل واكتماله حتى مع الربط الكامل أو استئصال قناتي فالوب.
والأساس العملي المؤكد على هذا هو أن دور القناة ينحصر في توفير البيئة والمكان المُناسبين للبويضات والحيوانات المنوية للالتقاء والتلقيح، لكنه في الحقن المجهري فإن عملية التلقيح تتم كلها بطريقة اصطناعية داخل المُختبر.
حيث تُسحب البويضات من الأنثى، وتؤخذ عينة من السائل المنوي للذكر، وكلاهما تُجرى عليه عمليات تجهيز وإعداد، وفي الحاضنة الشبيهة الأجواء والظروف بالرحم من حيث درجة الحرارة ومُعدل الأكسجين يحدث التلاقي بين البويضات والحيوانات المنوية، وما إن تتم عملية الإخصاب يقوم الطبيب بزرع أفضل الأجنَّة المُتكونة في الرحم مُباشرةً.
بهذه الكيفية التنفيذية يُصبح المُختبر في الحقن المجهري هو البيئة البديلة والقائم بعمل قناتي فالوب، وعليه تُصبح فرص نجاح الحمل بالحقن المجهري قائمة وبمُعدلاتٍ مُرتفعة.