امراض الكلى إذا أُصيبت بها الحامل هل تُشكل خطرًا على صحة الحامل أو على صحة الجنين؟
لا شك أن الحمل من أصعب المراحل العمرية التي تمر على الأنثى لما فيها من تغيرات وتطورات جسدية كبيرة، وتبعًا لتلك التغيرات يُتوقع إلى درجة كبيرة إمكانية إصابة الحامل بأمراض عديدة، فضلًا عن الأعراض المرضية المنطقية والمشهورة المُصاحبة للحمل، هذا من جانب، ومن جانب آخر؛ فإن الحمل يُفاقم المُشكلات الصحية التي تُعاني منها المرأة بالأساس ويجعلها أكثر تعقيدًا، علاوةً على المشكلات الصحية يتعارض الحمل معها لخطورة استمرارية الحياة لكلٍ من الأم أو جنينها.
تابعونا وسنتناول الآن كل المعلومات التفصيلية عن امراض الكلى أثناء الحمل.
امراض الكلى والحمل
امراض الكلى واحدة من المُشكلات الصحية ذات رأسي الحربة، أي أنها واردة الحدوث بفعل الحمل، كما أنها -حال كون الأم إحدى مريضاتها- أخطر الأمراض على حياة المرأة الحامل وعلى حياة الجنين.
وسواءً جاءت الإصابة بفعل الحمل أو كانت موجودة بالأساس فهي تُشكل أشد الأمراض تأثيرًا على الحمل، لأنها عامل أساسي في ارتفاع ضغط الدم وتورم الجسم…. وهكذا وصولًا إلى تسمم الحمل وفقدان الجنين.
ومن خلال العرض السابق يتضح لنا أن الحديث عن امراض الكلى وعلاقتها بالحمل ينقسم إلى محورين أساسيين هما: امراض الكلى الناتجة عن الحمل، وامراض الكلى الموجودة فعلًا وتأثيراتها على الصحة الإنجابية وأمان الحمل والحامل، فلكلٍ منهما تأثيره وطُرق علاجه وتفادي مُضاعفاته.
الحمل والإصابة بأمراض الكلى
من الوارد أن يؤدي الحمل إلى حدوث العديد من التغيرات في الكلى وطريقة عملها، وذلك بسبب:
- الزيادة الطبيعية التي تحدث في حجم الرحم لزيادة حجم الجنين، فمع هذه الزيادة يبدأ الرحم في التضخم والتمدد في اتجاه حوض الكلى مما يتسبب في الضغط عليها.
- التغيرات الهرمونية بجسم الحامل قد تؤدي إلى تباطؤ مرور البول في المجاري البولية، وهو ما ينتج عنه أحيانًا ارتداد البول إلى الحالب، ومن ثَم التأثير على الكلى.
- يُعتبر هرمون البروجسترون (هرمون الحمل) المسئول الأول عن التغيرات المرضية في جدار الحالب، والمسئول عن الاحتباس البولي.
هذا إلى جانب دور الحمل في زيادة تدفق الدم إلى أعضاء الجسم ومنها الكلى، وهو ما يتبعه بالضرورة زيادة النشاط والعمل الذي يتبعه إجهاد وإرهاق الأعضاء، ومن ثَم مرض العضو.
والكلى كغيرها من أعضاء الجسم وليست في معزلٍ عما يُصيبها، وعليه يُعتبر الحمل واحدًا من أبرز أسباب الإصابة بأمراض مُختلفة في الكلى، وأكثرها شيوعًا:
التهاب الكلى الحاد: وهو أكثر امراض الكلى شيوعًا عند الحوامل، حيث ينتج عن تراكم الميكروبات في مجرى البول وضغط الرحم المُتمدد على حوض الكلى والحالبين، وعادةً ما يُصاحبه ارتفاع شديد في درجة حرارة الجسم ونزول الدم مع البول.
إخراجات الكلى: ورغم كونه من الأمراض الكُلوية البسيطة التي يسهل علاجها بواسطة مجموعة من العقاقير والمُضادات الحيوية، إلا أنه يحتاج إلى مُتابعة طبية سريعة ودقيقة للحد من تطور المرض.
الفشل الكلوي الحاد: ويُعد أخطر امراض الكلى التي يتسبب فيها الحمل، ومعه تُصاب الحامل بنزيف حاد ومُستمر من المهبل، وعادةً لا يتوقف إلا بعض فقدان الجنين وحدوث الإجهاض.
تسمم الكلى: عند إصابة الحامل بتسمم الحمل؛ فإن ذلك يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم، وبالتالي ينقص تدفق الدم نحو الكلى، وهو ما يتبعه إصابة الحامل بالتشنجات التي قد تصل مُضاعفاتها إلى إجهاض الجنين أو على الأقل ولادته مُبكرًا للحفاظ على حياته وحياة الأم.
كل تلك الأمراض المُمكنة الحدوث بفعل الحمل تستدعي الاهتمام بإجراء الفحوصات والتحاليل الطبية قبل الحمل وأثناءه لتفاديها ولعلاجها سريعًا إن ظهرت.
أعراض امراض الكلى عند الحامل
بيَّنا أن أكثر امراض الكلى التي يتسبب فيها الحمل انتشارًا هي التهاب الكلى، ولذلك يُهتم دومًا بأنواعه وأعراضه على الحامل لسرعة علاجه فور ظهوره، وأهم أعراضه:
- الشعور بألمٍ شديد في أسفل الظهر.
- إصابة الحامل بالحمى.
- التعب والوهن العام.
- الشعور بآلام شديدة وحرقان عند التبول.
- نزول بول ذو رغوة كثيفة وذلك لزيادة مُعدل البروتينات فيه.
- نزول دم مع البول.
- تورم الوجه والأيدي والأطراف.
- الشعور بآلام شديدة ناحية الكلى المُصابة بالالتهاب.
- ارتفاع ضغط الدم،وإذا ما صاحبه تورم القدمين فإن الحالة المرضية قد أُصيبت بتسمم الحمل.
- تكشف التحاليل الطبية عن ارتفاع مُعدلات اليوريا والكرياتنين بالدم.
أنواع التهابات الكلى الناتجة عن الحمل
التهابات الكلى التي تُصيب الحامل بفعل الحمل لها أنواعٍ كثيرة، ولكن أهمها:
- الالتهاب الخلالي: وهو الذي يُصيب أنابيب الكلى، وتتورم الكلى بسببه.
- الالتهاب الحويضي: وينتج عن العدوى البكتيرية، ويبدأ في المثانة، ومنها إلى الحالب ثم الكلى.
- التهاب الكبيبات: وهو تجمع الشعيرات الدموية في الكلى على شكل الكبيبات ثم التهابها، ويتسبب هذا النوع في قصور وظائف الكلى، وضعف تنقية الدم من السموم.
علاج امراض الكلى المُتسبب فيها الحمل
ينقسم علاج امراض الكلى التي تُصاب بها الحامل بفعل الحمل إلى العلاج الدوائي والعلاج المنزلي، والعلاجان يرتبطان ببعضهما البعض، أي من الضروري اللجوء إلى كليهما لتحقيق أفضل النتائج وأسرعها.
العلاج الدوائي
يتمثل في مجموعة من المضادات الحيوية التي تتناولها الحامل بناءً على وصفة طبية محددة الأنواع الجرعات، وقد يكفي الحالة نوعًا واحدًا من المُضادات الحيوية، وقد يضطر الطبيب إلى الجمع بين أكثر من نوعٍ، وعادةً ما يستعمل الأطباء عقاقير سيفالكسين، أو الإريثروميسين، أو سلفيسوكسازول، أو الأموكسيسيلين، أو ميثوبريم -السلفاميثوكسازول.
وتجدر الإشارة إلى أن حالات التهاب الكلى الشديد تحتاج إلى دخول المستشفى للعلاج بالمُضادات الحيوية الوريدية من أمثال الفوسومايسين أو السيفالوسبورين، وتعتمد مدة البقاء في المستشفى على شدة الالتهاب.
العلاج المنزلي
هو عبارة عن مجموعة من النصائح والممارسات التي تلتزم بها الحامل طوال فترة الحمل، حتى إن منها بعض الأمور التي تُنصح بها الحامل مُنذ بداية الحمل كإجراء وقائي من الدخول في مُشكلات الكلى الناتجة عن الحمل، وأبرز عناصر هذا النوع من العلاج ما يلي:
- الاعتماد على نظام غذائي فقير في محتواه من ملح الطعام وغني في محتواه من عنصر البوتاسيوم، لأن ملح الطعام يُساعد على فقدان عنصر البوتاسيوم مع البول، وهو ما يتبعه ارتفاع مُعدلات الأملاح بالجسم والجفاف.
- الإكثار من شرب عصير البقدونس.
- المُحافظة على الوزن المثالي والصحي للجسم.
- تجنب التدخين.
- ضبط مُعدلات السكر وضغط الدم.
- مُمارسة الرياضة.
مريضات الكلى والحمل
إصابة الأم بمرضٍ في الكلى أو بالفشل الكلوي، وكذلك من تمت مُعالجتهن بكلى صناعية أو زراعة كلي، يُمثل الحمل ولإنجاب لهن نذير خطر على حياتهن وحياة الأجنة إذا لم تُتخذ الاحتياطات والاحترازات الطبية الضرورية، لذلك لا يصلح لمثل تلك الفئة من السيدات الحمل بدون مُناقشة الأمر بأبعاده وجوانبه مع الطبيب المُعالج أولًا، فقرار الحمل ههنا في يد الطبيب وحده وليس في يد الأم حفاظًا على حياتها.
العوامل المؤثرة في اتخاذ قرار الحمل لمريضات الكلى
- الصحة العامة للأم وفئتها العمرية خصوصًا مع الاقتراب من سن انقطاع الطمث أو انقطاعه فعلًا.
- درجة المرض ومرحلته من حيث الشدة.
- تسبب مرض الكلى في أمراضٍ مُزمنةٍ أخرى مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري وأمراض القلب.
- مُعدلات البروتين في البول.
- نوعية العلاج المُتبع وبخاصة الغسيل الكلوي.
مريضات الكلى والقدرة على الحمل والإنجاب
من خلال العوامل السابقة المُتحكمة في قرار الحمل لمريضات الكلى يتضح لنا إمكانية تقسيم مريضات الكلى من حيث قدرتهن على الحمل والإنجاب إلى مجموعات هي:
صاحبات مرض الكلى البسيط (المراحل من 1 إلى 2): فإذا كان ضغط الدم لديهن الطبيعي، ومُعدلات البروتين في البول قليلة أو مُنعدمة فإن الحمل مُناسب لهن؛ لوجود الدلائل على عدم تلف الكلى بشكلٍ كبير.
صاحبات مرض الكلى الحاد (المراحل من 3 إلى 5): هؤلاء أكثر عُرضة لحدوث مُضاعفات صحية أكبر عند الحمل وعند الولادة خصوصًا مع مرحلة المرض رقم 5 والتي تتطلب العلاج بالغسيل الكلوي، بل إن الخطر الذي يُهدد حياة الأم والجنين مُرتفع جدًا، لذلك الأولى تجنبهن للحمل نهائيًا.
صاحبات الفشل الكلوي الكامل: وهؤلاء يُعالجن بالغسيل الكلوي الذي يتسبب حتمًا في وجود تغيراتٍ بالجسم يصعب معها الحمل، حيث إن العلاج بالغسيل الكلوي عادةً ما يُصاحبه الإصابة بفقر الدام الناتج عن قلة عدد خلايا الدم الحمراء، كما أن الغسيل الكلوي يُسبب تغيرات هرمونية كبيرة تؤدي إلى انعدام الدورة الشهرية أو عدم انتظامها، لذلك تُنصح المريضات بعدم الحمل.
المعالجات بزراعة كلى: زراعة كلى جديدة وتقبل الجسم لها واستقرار الحالة المرضية يزيد من احتمالية انتظام الدورة الشهرية، كما يزيد من جودة صحة الأم العامة، لذلك من المُمكن إتمام الحمل مع هذه الفئة من المريضات، بشرط مرور عامٍ كامل على عملية زراعة الكلي كحدٍ أدنى، وذلك للتأكد من استقرار وظائف الكلى، وهذا لا ينفي أن بعض من أدوية زراعة الكلي تعيق النمو الطبيعي للجنين، لذلك كلا الاحتمالين بقبول الحمل أو رفضه قائمين.
المضاعفات الصحية المتوقعة عند الحوامل مريضات الكلى
أهم المضاعفات الصحية على الحامل من مريضات الكلى ما يلي:
- ارتفاع ضغط الدم.
- تسمم الحمل.
- انفصال المشيمة.
- حدوث نزيف داخل الرحم.
- الولادة المُبكرة أو حدوث الإجهاض.
- وفاة الجنين داخل الرحم بعد تكونه أو إتمام مراحل النمو مع نقص شديد فيه وفي الوزن.
الاحتياطات والمحاذير المُتبعة مع مرضى الكلى من الحوامل
- المنع من الحمل قبل مرور عامٍ على زراعة الكلى.
- المنع من الحمل للمعالجات بالغسيل الكلوي.
- بعد حدوث الحمل تتم مراجعة جميع الأدوية للتوقف عن الأصناف التي قد تتسبب في تشوهات الجنين أو الولادة المُبكرة.
- المُتابعة الطبية بعد كل جلسة غسيل كلوي.
- الفترة الزمنية من الأسبوع السادس عشر إلى الأسبوع العشرين يتم فيها زيادة مدة وكفاءة جلسات الغسيل الكلوي، لأن ذلك يُساعد في تحسين مُعدل نجاح الحمل وقدرة الجنين على الحياة لما يتراوح بين 50% إلى 75%.
- المداومة على عمل الفحوصات المخبرية بانتظام، وخصوصًا التحاليل الخاصة بمُعدلات السموم في الدم، ضغط الدم، الهيموجلوبين.
- تنفيذ حمية غذائية خاصة.
- غرفة الولادة لا بد وأن تضم فريق طبي مُتكامل مُكون من طبيب النساء والتوليد وطبيب الكلى وطاقم تمريض مدرب على التعامل مع هذه الحالات.
للمزيد: الحمل في الأربعينات من عمر المرأة هل هو ممكن؟ وما هي مخاطره؟
خصوبة المرأة .. عوامل غريبة يمكن أن تؤثر عليها ونصائح لتجنبها
وأخيرًا وبعد أن تناولنا معًا كل المعلومات عن امراض الكلى من حيث أسبابها وعلاجها وطرق الوقاية منها خلال فترة الحمل، وما هي الاحتياطات والمحاذير المُتبعة مع مرضى الكلى من الحوامل، نتمنى أن نكون قد أفدناكن وأدعو الله لكن جميعًا دوام الصحة والعافية.
اترك تقييم