أي اضطرابات في الهرمونات بالجسم البشري لها عواقبها وتوابعها الصحية المتأرجحة ما بين البسيطة إلى الشديدة، ولذلك لا يُستهان بمثل هذا الخلل الغير طبيعي والغير مُستساغ، خصوصًا إذا ما جاء الخلل بجسمٍ أنثوي، حيث تُصبح المُضاعفة الصحية أشد تأثيرًا وأكثر وطأة.
في هذا المقال نستعرض مجموعة من المعلومات الطبية الموثقة عن الهرمونات ودورها في الجسم، وكذلك على حالات الخلل الواردة الحدوث وأسبابها وأعراضها وآثارها على جسم المرأة، وإمعانًا في الفائدة نستعرض بعضًا من أسباب الخلل الهرموني وأعراضه ونتائجه على الأطفال والصبيان والفتيات.
ما هي الهرمونات؟ ومتى تضطرب؟
تتواجد الهرمونات في غالبية أعضاء وأجهزة جسم الإنسان، حيث إنها عبارة عن ناقلات كيميائية تُنتجها الغدد الصّماء، ثم تنتقل عبر مجرى الدم إلى مُختلف أنسجة وأعضاء الجسم، لتقوم مُنذ وصولها إلى العضو النهائي بإخبار وحث هذا العضو بالوظائف الحيوية المطلوبة منه.
وبالتالي يُمكن اعتبارها المُساعد الرئيسي الذي يُعزز قدرة الجسم على التحكم وتنظيم العمليات الحيوية الأساسية التي تتم بداخله، من أمثال عمليات التمثيل الغذائي وعمليات التناسل و..و…… إلخ.
من المهم أن تبقى مُستويات الهرمونات في جسم الإنسان عند حدودها الطبيعية وبالمقادير الدقيقة لتقلبات حالات الجسم الصحية كفترات الحمل والرضاعة عند الأنثى مثلًا، لأن أي عدم توازن أو خلل بعيدًا عن المُعدلات الطبيعية للهرمونات سيؤدي لا محالة إلى عواقب صحية ينشأ عنها أعراض مرضية تتطلب الاستقصاء والعلاج.
عادةً ما تحدث اضطرابات في الهرمونات عند قيام الجسم بإنتاج هرمون مُعين بكمياتٍ أكثر أو أقل من المُعدل الطبيعي، ومهما كان الفارق عن المُعدلات الطبيعية ضئيلًا جدًا فإن الخلل الهرموني يُحدث أثره الصحي على الجسم بدون شك.
لا يُفهم مما سبق أن مستوى كل هرمون من الهرمونات الموجودة بالجسم ثابت ومُحدد طوال رحلة الحياة، فالصحيح أن مستويات الهرمونات بالجسم البشري مُتقلبة باستمرار بحسب مراحل النمو وبحسب الحالة الصحية والعوارض المرضية التي تعتري الجسم.
ولكن مهما حدث من تقلباتٍ هرمونية فإنها تبقى دومًا طبيعية وغير مضرة، لكن أي اضطراباتٍ في الهرمونات يُخرجها من دائرة الحدود الطبيعية يُعتبر خلل مرضي يحتاج إلى علاج بجانب علاج مُقدماته وعلاج توابعه الصحية.
قد يهمك أيضًا: مرض الذئبة الحمراء هل هو خطير مع الحمل .. المخاطر المحتملة ونصائح هامة
أعراض الاضطرابات الهرمونية بالجسم
بما أن الهرمونات ذات دورًا رئيسيًا في صحة الإنسان بشكلٍ عام، وبما أنها متواجدة كجزء أصيل في كل عضو وكل نسيج وكل خلية بالجسم؛ فبناءً عليه أي اضطرابات في الهرمونات ومستوياتها يؤثر تأثيرًا مُباشرًا على العديد من الخلايا والأعضاء والأجهزة.
وطبقًا لهذا التعدد تتعدد بالضرورة أعراض الاختلالات الهرمونية وتتنوع إلى الحد الذي قد يصعُب جمعه في نقاطٍ مُعينة، بل إن تنوعات أعراض الخلل الهرموني ستختلف حتميًا باختلاف المرحلة العمرية للمريض.
وبما أننا أكدنا في المقدمة على أن المقال يهتم بالأساس بتأثير اضطرابات الهرمونات على صحة النساء، فإننا سنذكر هنا الأعراض التي تخص الجسم الأنثوي ما لم يُشاركها فيها الذكور والأطفال، على أن يُلحق بآخر المقال الأعراض الخاصة بالفئات الجنسية والعمرية الأخرى.
ومن أبرز أعراض الخلل الهرموني على جسم المرأة (تتشارك الذكور في مجموعة منها) هي:
· اضطراب وزن الجسم بالزيادة أو بالنقص دون أسبابٍ طبية واضحة.
· الشعور الشديد والدائم بالتعب والإرهاق والإعياء.
· المُعاناة من فرط الحساسية ضد البرودة وضد الحرارة.
· تزايد وتكرار حركة الأمعاء وما يعقُبها من أعراضٍ ومُضاعفات صحية، أو على النقيض تمامًا من تباطئ الأمعاء والمُعاناة من الإمساك.
· الإصابة بجفاف الجلد، وكذلك ظهور البقع والهالات السوداء على مناطق مُعينة منه.
· تورم وانتفاخ الوجه.
· وهن وضعف العضلات.
· كثرة التبول والحاجة الدائمة لإفراغ المثانة.
· الشعور المُتواصل بالعطش والجوع.
· الشعور بآلامٍ شديدة وتصلب وتيبس بالمفاصل.
· خفة الشعر وتساقطه.
· الدخول في نوباتٍ اكتئابيه وحالاتٍ من التقلبات المزاجية الشديدة، علاوةً على القلق والعصبية وسرعة الانفعال.
· العزوف عن ممارسة الجنس وفقدان الرغبة الجنسية تمامًا.
· فرط التعرق وخصوصًا بالليل.
· تشوش وصعوبة الرؤية.
· اختلال وعدم انتظام الدورات الشهرية بتوقفات مُفاجئة أو تكرار نزولها خلال الشهر الواحد في غير ميقاتها الأصلي.
· تزايد نمو الشعر في مناطق جسدية لا يصح فيها نمو الشعر بهذه الكثافة مثل الوجه والذقن وغيرهما.
· جفاف أو ضمور المهبل، أو كلاهما معًا.
· الشعور بآلامٍ شديدة أثناء الاتصال الجنسي.
قد يهمك أيضًا: متى يُشكل مرض ارتفاع ضغط الدم خطرًا على الحامل وكيف يُمكن علاجه بسرعة؟
أسباب حدوث اضطرابات في الهرمونات
بناءً على الغدة المُصابة وعلى قائمة الأعراض الظاهرة تتنوع الأسباب، ومن أكثر الأسباب انتشارًا بغض النظر عن جنس أو عمر المريض ما يلي:
· الإصابة بالسكري.
· مرض الغدة الدرقية سواءً بقصور النشاط أو فرط الإنتاج.
· الإصابة بقصور وضعف الغدد التناسلية.
· الإصابة بمُتلازمة كوشينج.
· الإصابة بالعقيدات الدرقية المُفرطة.
· التداوي بالعلاجات الهرمونية، وكذلك بالعلاجات ذات التأثير المُباشر على إفراز الهرمونات بالجسم.
· الإصابة بأنواع الأورام المُختلفة سواءً الحميدة أو السرطانية.
· الإصابة بتضخم الغدة الكظرية سواءً كمرض ينتج عنه القصور أو كعيبٍ وتشوه خلقي.
· اعتلال الصحة النفسية بالوقوع المُستمر تحت الضغط العصبي والتوتر والقلق.
· الإصابة بأورام الغدة النخامية.
· التداوي بعلاجات الأورام السرطانية الكيميائية والإشعاعية.
قد يهمك أيضًا: الحمل في الأربعينات من عمر المرأة هل هو ممكن؟ وما هي مخاطره؟
أما من حيث الأسباب التي تخص النساء وحدهن:
· بلوغ سن انقطاع الطمث، أو انقطاع الطمث المُبكر.
· حدوث الحمل.
· الولادة والرضاعة الطبيعية.
· الإصابة بمُتلازمة المبايض المُتعددة.
· قصور المبايض.
· منع الحمل بالوسائل الهرمونية مثل الحبوب.
الخلل الهرموني وتأثيره على الحمل
عند حدوث اضطرابات في الهرمونات الموجودة بجسم الأنثى؛ فإن تأثير هذا الاضطراب فيما له علاقة بالحمل يكون تأثيرًا مُتبادلًا، بمعنى أن اختلال الهرمونات قد يمنع حدوث الحمل من الأساس، وقد يكون سببًا في حدوث الحمل بصورة لا إرادية وبالرغم من عدم التخطيط إليه.
ومن ناحيةٍ أخرى مُعاناة المرأة من الخلل الهرموني أثناء فترة الحمل قد يكون له تأثيره على صحة واستمرارية الحمل، وكذلك قد يؤثر على صحة الجنين ومراحل تطوره ونموه داخل الرحم.
قد يهمك أيضًا: أسباب و أعراض الإصابة بداء القطط للحامل وطرق الوقاية منه
طرق فحص الخلل الهرموني
إن تعدد وتنوع أسباب حدوث اضطرابات في الهرمونات بالجسم، وكذلك تعدد الخلايا والأعضاء المُتأثرة بهذا الاضطراب؛ يُحتم تعدد وتنوع طرق التشخيص، ومن أبرزها جميعًا ما يلي:
الفحص السريري: وتوجيه الأسئلة للمريضة حول الأصناف الدوائية والفيتامينات والمُكملات الغذائية التي تتناولها، إلى جانب المُناقشة في الأعراض والأسباب، وتبعًا للإجابات تتحدد أنواع الفحوصات المطلوب اجرائها لتأكيد أو نفي التشخيص.
فحوصات الدم: حيث يُستفاد منها في الكشف عن مستويات الهرمونات المُختلفة بالدم، وبالتالي بيان وتحديد أنواع الهرمونات المُضطربة الإفراز بالزيادة أو بالنقص، وعادة ما تُوجه فحوصات الدم نحو أنواع الفحص التي توضح كفاءة عمل الغدة الدرقية، وكذلك المُحدِدة لمُستويات هرمونات الاستروجين والتستوستيرون والكورتيزون.
فحص منطقة الحوض: حيث يفحص الطبيب عنق الرحم للكشف عن أي مظاهر غريبة مثل التليفات أو الأكياس أو التكتلات أو الأورام.
فحص الموجات فوق الصوتية: حيث يُفيد في امتلاك صورة واضحة ودقيقة عن أعضاء وأنسجة الجسم محل الفحص، وعادةً ما يُطلب فحص الرحم أو المبيض بها لبيان كفاءة عمل الغدة الدرقية والغدة النخامية.
إلى جانب ما سبق من طرق، قد يحتاج الطبيب إلى تعزيز تشخيصه بمجموعة أخرى من الفحوصات الأكثر تخصصية، مثل أخذ خزعة نسيجية وتحليلها معمليًا، أو الفحص بالرنين المغناطيسي أو بالأشعة السينية، أو عمل مسح للغدة الدرقية.
قد يهمك أيضًا: أسباب وأعراض الأمراض الليفية التي تصيب الرحم
علاج الاضطرابات الهرمونية
بناءً على التشخيص الدقيق الذي أكدته أنواع الفحوصات السابقة يتحدد البرنامج العلاج لأي اضطرابات في الهرمونات الموجودة بالجسم، وبشكلٍ عام سيكون البرنامج العلاجي هرموني، فبما أن الخلل الهرموني واقع بالزيادة أو بالنقص.
فإن الهدف النهائي من العلاجات إما أن تكون تثبيط الهرمونات المُفرزة بكمياتٍ أكبر من المطلوب، أو تعزيز وتنشيط إفراز الهرمونات التي يفرزها الجسم بمستوياتٍ أقل من المطلوب، وغالبًا ما يحدد نوع العلاج مجموعة الأعراض التي تُعاني منها المرأة.
فيما يلي قائمة بمجموعة من الأدوية والهرمونات التي يُلجأ إليها وفق ما هو ظاهر على جسم الأنثى من أعراض:
هرمون الاستروجين: يُوصف بجرعاتٍ قليلة عند مُعاناة الأنثى من أعراض شديدة جراء انقطاع الطمث وأهمها الهبّات الساخنة.
هرمون الاستروجين المهبلي: تُوصف المُستحضرات الموضعية الغنية به عند إصابة الأنثى بأعراض مثل جفاف المهبل أو الشعور بآلامٍ شديدة أثناء الجماع.
وسائل منع الحمل الهرمونية: تُوصف عند اختلال وعدم انتظام الدورة الشهرية، ومنها حبوب منع الحمل الفموية، واللاصقات الموضوعية، والحقن، والحلقة المهبلية، واللولب.
مضادات هرمون الاندروجين: وهو هرمون ذكري مُتوفر بأجسام الذكور وأجسام الإناث ولكن بمُعدلاتٍ مُختلفة بين الجنسين، وتُوصف مُضاداته ومُثبطاته للنساء عند إصابتهن بأعراض مثل تساقط الشعر، أو تزايد نمو الشعر في مناطق جسدية غريبة مثل الذقن، أو الإصابة بحبوب الشباب.
وتُعد أدوية الميتفورمين من أبرز مُضادات الاندروجين، والميتفورمين مادة كيميائية صُنعت خِصيصًا لعلاج أعراض ومُضاعفات مرض السكري من النوع الثاني، ثم اكتشفت فوائدها للنساء من حيث الحد من أعراض مُتلازمة تكييس المبايض وتشجيع الإباضة من خلال تثبيط إفراز هرمون الاندروجين.
هرمون الغدة الدرقية: يُوصف لكل من يُعاني قصورًا في عمل وإفرازات الغدة الدرقية لإحداث التوازن الهرموني المطلوب.
قد يهمك أيضًا: الانيميا عند الحامل أعراضها وطُرق العلاج والوقاية منها
دور الحياة الصحية في علاج الخلل الهرموني
يُعد تعديل النمط الحياتي من حيث الغذاء والحركة أكثر الوسائل النافعة لعلاج أي اضطراباتٍ في الهرمونات بالجسم، من هُنا يُشدد على الاعتماد في التغذية على الأنظمة الغذائية الصحية والمُتوازنة والغنية بالعناصر الغذائية والفيتامينات والمعادن والأحماض الأساسية للجسم، وكذلك لا بد من التعود على ممارسة التمارين الرياضية وتمارين اليوجا لتحسين الدورة الدموية بالجسم والحصول على وزن الجسم المثالي وتنظيم إفراز الهرمونات.
وعليه فإن أي اضطرابات في الهرمونات عند الأنثى له تأثير بالغ على صحتها بشكلٍ عام وعلى مسيرة حياتها الصحية، وبخاصة فيما له علاقة بالحمل والولادة والرضاعة…. إلخ، لذلك من الضروري متابعة الأعراض وطلب المشورة الطبية فور ظهورها.
قد يهمك أيضًا: الغذاء الصحي هو الطعام المتوازن خاصةً فترة الحمل … أنواع الغذاء الصحي وفوائده للجسم
على هامش المقال
للفائدة العلمية نُشير هُنا إلى أعراض الخلل الهرموني الخاصة بفئات الذكور والأطفال من الجنسين، كمؤشراتٍ تنفع في سرعة طلب التدخل الطبي قبل تطور الأعراض وتفاقم المُضاعفات الصحية.
اضطرابات الهرمونات عند الرجال: ضعف إفراز هرمون التستوستيرون يتبعه أعراض مثل: ليونة الثديين مع تطور نسيجهما وكبر حجمهما، ضعف الانتصاب، ضعف وفقدان الكتلة العضلية، ضعف القذف، العقم، عدم نمو شعر اللحية والجسم، هشاشة العظام، فقدان التركيز.
اضطرابات الهرمونات عند الأطفال: قصور الغدد التناسلية أثناء مراحل نمو الطفل نحو مرحلة البلوغ يتبعه أعراض مرضية هي:
أعراض الصبية: ضعف نمو الأعضاء الذكرية، ضعف تكوّن وعدم تطور الكتلة العضلية، ليونة وعدم خشونة الصوت، عدم نمو شعر الجسم كما ينبغي، ضعف نمو القضيب والخصيتين، فرط نمو جذع الجسم والذراعين والساقين، ليونة الثديين وتطور حجمهما.
أعراض الفتيات: عدم نزول الدورة الشهرية أو على الأقل تأخرها، توقف تطور أنسجة الثدي، التقزم وعدم تطور نمو الجسم.
وختامًا؛ بعد أن وضعنا بين أيديكم كل المعلومات التي تتعلق بالإصابة باضطرابات الهرمونات وتأثيره على الحمل والعلامات الدالة على وجود المرض وعليك استشارة مختص فور الشعور بأي عرض ليس من الطبيعي وجوده.
للمزيد: كيف تتحكم في نسبة املاح الكلى وما مخاطر زيادتها ونقصانها خاصة أثناء الحمل؟