خلق الله جميع العناصر المكونة للدم والداخلة في تركيب الجسم وبنائه للقيام بوظائف محددة وبنسبٍ مُعينة، تسبب زيادتها خللًا كبيرًا وكذلك نقصها، ومن ثم فإن سلامة الجسم وصحته تعتمد على توازن عناصره ومكوناته والذي يُعني أداء الجسم لكافة وظائفه بشكلٍ طبيعي وسليم، وهُنا سيكون الحديث عن ارتفاع الكوليسترول في الدم والمخاطر المُترتبة على ارتفاعه وما هي أهميته، وأسباب الارتفاع وعلاقة كل ذلك بالحمل.
الكوليسترول (تكوينه ووظيفته في الجسم)
الكوليسترول هو عبارة عن مادة دُهنية تدخل بشكلٍ أساسي في بناء الأنسجة الخلوية وتلعب دورًا رئيسيًا في عملية التمثيل الغذائي، بالإضافة إلى أنه يُمثل ركنًا هامًا في عملية إفراز الهرمونات الستيرويدية وتكوين فيتامين د.
وينقسم الكوليسترول إلى قسمين أحدهما نافع للجسم ومهم لسلامته وهو بروتين دُهني عالي الكثافة يرمز له كيميائيًا بـالرمز “HDL” والذي يجب أن تكون نسبته في الدم لا تقل عن 40 مللي جرام لكل ديسيلتر، أما الثاني فهو ضار للجسم ويُسبب له الكثير من المشاكل ويجب ألا تتجاوز نسبته بأي حال 100 ملي جرام لكل ديسيلتر، وهو عبارة عن بروتين دُهني مُنخفض الكثافة يرمز له بــ “LDL”.
من أين يحصل الجسم على الكوليسترول؟
يتم إنتاج الكوليسترول بشكلٍ أساسي في الكبد والأمعاء، ويتم نقله في بلازما الدم من خلال البروتينات الدُهنية، حيث يعمل نوع البروتين الدُهني مُنخفض الكثافة بالانتقال مع الدم إلى جميع أجزاء الجسم، بينما يقوم نوع البروتين الدُهني عالي الكثافة بإعادة الــ (LDL) إلى الكبد الذي يقوم بتحويله إلى عصارة مرارية.
لذا يمثل البروتين الدُهني عالي الكثافة حماية كبيرةً جدًا للجسم ضد الأمراض، ولكن يتراجع هذا الدور في حالة كون نسبة البروتين الدُهني مُنخفض الكثافة عالية في الدم، فيعجز البروتين الدُهني عالي الكثافة عن نقله كلية إلى الكبد، فيترسب في الأوعية الدموية ويعمل على انسدادها، فتنشأ تبعًا لذلك عدة متاعب.
قد يهمك أيضًا: الغذاء الصحي هو الطعام المتوازن خاصةً فترة الحمل … أنواع الغذاء الصحي وفوائده للجسم
أسباب ارتفاع الكوليسترول في الدم عمومًا وأثناء الحمل خصوصًا

من الجدير بالذكر أن الجسم ينتج من الكوليسترول ما يحتاجه ومن ثم فلسنا بحاجة إلى تناول أغذية تعمل على ارتفاع الكوليسترول في الدم، حيث أن تناول أغذية ترفع من الكوليسترول يُمثل عبئًا إضافيًا على الجسم الذي يُصبح بحاجة إلى التخلص منه وتحويله إلى عُصارة مرارية، وهُناك عدة عوامل تُسبب ارتفاع الكوليسترول ومن أهمها ما يلي:
- الحمل وتغير مُستويات الهرمونات في جسم المرأة.
- العامل الوراثي: وهو الذي يُحدد كفاءة الجسم وقدرته على التخلص من الكوليسترول الضار (LDL).
- زيادة الوزن: تؤدي إلى ارتفاع الكوليسترول الضار، بينما يؤثر إنقاص الوزن في الاتجاه المُعاكس.
- تناول الوجبات التي تحتوي على الدهون المشبعة وتتمثل في اللحوم الحيوانية.
- العمر والجنس: أثبتت الدراسات أن هُناك علاقة طردية بين ارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم وبين العمر، حيث يرتفع الكوليسترول في مرحلة ما بعد الأربعين ويرتفع أكثر فيما بعد الخمسين، وكذلك الجنس حيث أثبتت الدراسات أن النساء في مراحل عمرية مُتقدمة أكثر عُرضة لخطر ارتفاع الكوليسترول من الرجال في نفس المراحل العمرية.
- عدم ممارسة أنشطة حركية مُنتظمة أو مُمارسة الرياضة وعدم القيام بأي مجهودٍ يُعطل قدرة الجسم على التخلص من الكوليسترول الضار (LDL).
- سوء الحالة النفسية لفتراتٍ طويلة.
- التدخين بأنواعه المُختلفة.
- ارتفاع ضغط الدم والذي يُمثل نتيجة وسببًا في نفس الوقت.
- الإصابة بداء السكري.
قد يهمك أيضًا: متى يُشكل مرض ارتفاع ضغط الدم خطرًا على الحامل وكيف يُمكن علاجه بسرعة؟
مخاطر ارتفاع الكوليسترول أثناء الحمل
تتمثل مخاطر ارتفاع الكوليسترول أثناء الحمل في ارتفاع ضغط الدم وما قد ينجُم عنه من مُضاعفاتٍ خطيرة مثل تسمم الحمل، التعرض للسكتات الدماغية، الذبحة الصدرية، تصلب الشرايين، الإصابة بالنوبات القلبية نتيجة تعذر حصول القلب على كميات الدم التي يحتاجها.
ضرر ارتفاع الكوليسترول أثناء الحمل على الجنين
أثبتت عدة دراسات أُجريت في هذا الشأن أن الأطفال الذين تُعاني أمهاتهم من ارتفاع الكوليسترول أثناء الحمل يُصبحون أكثر عُرضة لارتفاع الكوليسترول ومشاكله بمقدار خمسة أضعاف الأطفال الذين لا تُعاني امهاتهم من تلك المشكلة.
نسبة الكوليسترول الطبيعية في الدم لدى المرأة الحامل

الكوليسترول مهم جدًا للحامل حيث يسهم في بناء أنسجة الجنين ونموه بشكلٍ سوي وسليم، لذا فإن هُناك زيادة طبيعية في الكوليسترول تُصاحب الحمل، وتعتبر الزيادة طبيعية ما دامت في حدود النسب التالية:
- في الثلاثة أشهر الأولى تتراوح بين 1.4مغ/مل و 2.2مغ/مل.
- في الثلاثة أشهر الثانية تتراوح نسبة الكوليسترول بين (1.مغ/مل – 2.2مغ/مل)
- في الثلاثة أشهر الأخيرة تتراوح نسبة الكوليسترول بين (2.2مغ/مل – 3.5مغ/مل).
أعراض ارتفاع الكوليسترول
لا توجد أعراضٌ واضحة لارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم، ولكن يُمكن الكشف عن حدوث ارتفاعه بشكلٍ زائد عن الطبيعي بإجراء التحاليل والفحوصات الطبية المُتخصصة.
قد يهمك أيضًا: مرض الذئبة الحمراء هل هو خطير مع الحمل .. المخاطر المحتملة ونصائح هامة
نصائح للتعامل مع الكوليسترول والوقاية من ارتفاعه أثناء الحمل

هُناك بعض النصائح التي باتباعها يُمكنك الوقاية من ارتفاع الكوليسترول أثناء الحمل وتتمثل في:
- تناول الأطعمة الغنية بالألياف والتي تسهم في خفض نسبة الكوليسترول الضار في الجسم.
- تحقيق التوازن فيما يتعلق بكم ونوع الدهون المُتناولة، حيث من الضروري تناول الدهون الصحية الغير مُشبعة والتي توجد في الأسماك وفي بعض الزيوت النباتية مثل زيت الزيتون وزيت بذر الكتان، والتقليل من الدهون المشبعة والتي تتمثل في اللحوم الحيوانية.
- القيام بنشاط بدني خفيف مُنتظم كممارسة الرياضة الخفيفة والتي لا تُمثل خطورة على الحمل مثل المشي والسباحة.
- التقليل من السكر والكافيين مما يسهم في تقليل مُستويات الدهون الثلاثية في الجسم الذي يؤثر تأثيرًا إيجابيًا في خفض الكوليسترول.
- تناول كمياتٍ كافية من الماء لترطيب الجسم وتجنب الجفاف الذي قد يسهم في رفع نسبة الكوليسترول مُنخفض الكثافة.
- تناول الفواكه والخضروات
- تناول الحبوب الكاملة.
- الإقلاع عن التدخين.
علاج ارتفاع نسبة الكوليسترول أثناء الحمل
هُناك عدة علاجات لارتفاع الكوليسترول ولكن لا تنصح المرأة أثناء الحمل بتناول أيٍ منها إلا في حالاتٍ خاصة يُحددها الطبيب المُعالج، كما يُمكن تناول بعض الأطعمة التي تعتبر علاجًا بديلًا لارتفاع الكوليسترول، وينُصح الرجوع للطبيب حتى مع تناول المُنتجات الطبيعية ومن أهمها الثوم والشوفان والشعير والخرشوف وبذر القاطوناء الاشقر.
وختامًا؛ يجب متابعة نسب الكوليسترول أثناء الحمل، حتى مع عدم ظهور أي أعراضٍ للوقاية.