مع بداية الحمل تبدأ التساؤلات والقلق حول ما يجب فعله وما يجب تجنبه للحصول علي طفل بصحة جيدة، وتزداد هذه التساؤلات في حالة إصابة الأم بمرضٍ ما، ومن تلك الأمراض التي قد تُثير خوف الأم وقلقها على صحة جنينها هو مرض التهاب الكبد الوبائي أثناء الحمل أو قبله.
لذلك ومن أجل الحفاظ على سلامة كل أم رأينا من الضروري التطرق لهذا الموضوع ومعرفة ما هو التهاب الكبد الوبائي وأنواعه وكيفية الوقاية منه، بالإضافة إلى طُرق علاجه وما على الأم فعله في حاله إصابتها به أثناء أو قبل الحمل.
ما هو التهاب الكبد الوبائي أثناء الحمل ؟
هو التهاب يصيب الكبد نتيجة إصابته بفيروس، هذا الفيروس هو واحد من خمس أنواع من الفيروسات هي: أ (A)، ب (B)، سي (C)، دي (D)، هـ (E)، وهو ما يُعرف بالتهاب الكبد الفيروسي أو الوبائي، وتؤدي هذه الالتهابات إلى تليف الكبد أو تشمعه (تلف حاد) وهو أحد الأسباب الأساسية التي تؤدي إلى حدوث سرطان الكبد. وقد يحدث التهاب الكبد نتيجة لأسباب أخري مثل: تناول أنواع الكحوليات.
ومن أسباب خطورة هذه الفيروسات الخمسة أن الشخص قد يُصاب بها دون أن تظهر عليه أعراض تذكر أو أن تحدث أعراض بشكل خفيف لا يمكن تمييزها عن نزلة البرد العادية، ولا تبدأ الأعراض المميزة أو الواضحة في الظهور إلا في المراحل الأخيرة من المرض مع بدأ حدوث تليف في الكبد.
التهاب الكبد الوبائي أثناء الحمل
وبالنسبة للمرأة الحامل فإن حدوث الحمل وهي مصابة بتليف الكبد، أو حدوث التليف أثناء الحمل يمثل خطرًا على حياتها، حيث تصل نسبة حدوث الوفاة للحامل بسبب تليف الكبد إلى حوالي 20%. هذا وتختلف الأساليب الوقائية وطرق العلاج وطرق انتقال العدوى وما يجب على الأم فعله حسب نوع الفيروس، لذلك سنتحدث عن كل نوع بشكل مُنفرد مع توضيح طرق العدوى وطرق الوقاية والعلاج.
التهاب الكبد الوبائي أثناء الحمل (A)
كيفية العدوى
هو يتواجد في البراز، لذلك ينتقل فيروس A عن طريق الطعام والمشروبات التي قد تلوثت به، مثل: اختلاط ماء الشرب بماء الصرف الصحي (المجاري) أو ري المزروعات بها، أو من خلال التعامل مع شخص مُصاب لا يحرص على غسل يديه مثل: (الباعة الجائلين، العاملات المنزليات، مُعدي الطعام)، ويتواجد أيضًا في المياه المالحة لذلك يمكن أن ينتقل عن طريق المأكولات البحرية التي تؤكل غير مطهية أو نصف مطهية.
الأعراض
تبدأ أعراض المرض في الظهور بعد أسبوعين لستة أسابيع بعد الإصابة بالفيروس، وتستمر الأعراض لمدة أسبوع أو أسبوعين من بدايتها وفي هذه الفترة يصبح الشخص مصدرًا للعدوى، وغالبًا لا تظهر أعراض وفي حالة ظهورها تكون الأعراض مشابهة لأعراض الإنفلونزا مثل:
- ارتفاع درجة الحرارة.
- القيء والغثيان.
- الإجهاد.
- وقد يحدث ما يُعرف باليرقان أو الصفرة وهو اصفرار الجلد وبياض العينين.
العلاج
غالبًا ما يُشفى المريض من نفسه بدون علاج خلال شهرين، لذلك نادرًا ما يسبب أضرار للكبد (تليفه)، ويصبح لدى الشخص مناعة ضد فيروس A، كما أن العلاجات التي يتم استخدامها تكون للتخفيف من الأعراض. وبعد الشفاء يكتسب المريض مناعة ضده مدى الحياة.
الوقاية
تبدأ الوقاية منذ الولادة حيث توجد لقاحات آمنة وناجحة للوقاية من التهاب الكبد الوبائي A يحصل عليها الطفل خلال الشهور الأولي من حياته، فتتمثل طرق الوقاية من المرض من خلال تجنب أسباب العدوى بالحرص على النظافة بشكل عام، وغسل اليدين بشكل مستمر، والحرص على طهي الطعام جيدًا؛ حيث تعمل الحرارة التي تصل إلى درجة الغليان على قتل فيروس A.
التهاب الكبد الوبائي أثناء الحمل ب (B)
كيفية العدوي
ينتقل فيروس B من خلال سوائل الجسم وعلى رأسها الدم، بالإضافة إلى السائل المنوي والإفرازات المهبلية، لذلك يمكن أن ينتقل المرض عن طريق:
- الأدوات المرتبطة بالدم، مثل: (الحقن، أمواس الحلاقة، الإبر المستخدمة في الوشم، الأدوات الطبية غير المعقمة)، وذلك عند استخدامها من قبل شخص سليم بعد استخدامها من قبل شخص مُصاب.
- عمليات نقل الدم غير السليمة.
- قد يحدث أيضًا عند الجماع وذلك عند إصابة أحد الطرفين بفيروس B دون استخدام واقي.
- قد ينتقل فيروس B إلى الجنين أثناء الحمل، أو أثناء الولادة سواء كانت قيصرية أو طبيعية، ولا ينتقل الفيروس من خلال لبن الأم ما لم تكن هناك تشققات أو جروح بثديها، فعندئذٍ قد ينتقل مع الدم الذي يخرج من خلال تلك التشققات أو الجروح.
الأعراض
هو مثل فيروس A لا تظهر أعراض له غالبًا، وأحيانًا تبدأ أعراض فيروس B بعد فترة تتراوح بين (شهر إلى 6 أشهر) هي فترة حضانة المرض، وأعراضه هي:
- القيء والشعور بالغثيان.
- ارتفاع درجة الحرارة وآلام بالجسد.
- تظهر أعراض الصفراء (اليرقان) مثل: اصفرار العينين والجلد.
وتكون الأعراض خفيفة فيحدث خلط بينها وبين الإنفلونزا، ولكن نادرًا ما تكون الأعراض شديدة، وبالنسبة للحامل فقد تؤدي الإصابة بفيروس B إلى حدوث نزيف في الشهور الثلاثة الأخيرة من الحمل أو حدوث ولادة مبكرة كما قد يسبب انخفاض وزن الجنين.
العلاج
نسبة الشفاء من فيروس B مرتفعة تصل إلى 90% وذلك بدون الحاجة إلى دواء، ولكن إذا مضى أكثر من 6 أشهر ولم يتمكن الجسم من التغلب على الفيروس فإن الإصابة تتحول إلى مرض مُزمن، وعندما يتغلب الجسم على الفيروس فإنه يصبح منيعًا ضده مدى الحياة ولا يُصاب به مرة ثانية.
عند تحول المرض إلى مرض مُزمن فإن العلاجات التي يتم تناولها تكون عبارة عن مضادات للفيروسات، وعقاقير تعمل على التخفيف من الأعراض الخاصة بالمرض حتى لا يتطور ويحدث تليف أو تشمع للكبد.
أما الحامل المصابة به ففي أثناء الحمل لا تتناول أي أدوية لعلاج فيروس التهاب الكبد الوبائي B؛ وذلك لتجنب الآثار الجانبية للأدوية على الجنين، وأثناء الولادة ومع ارتفاع احتمالات انتقال الفيروس للجنين في هذه اللحظة فإنه يتم إعطاء الطفل تطعيمات وقائية بعد الولادة مباشرةً وقبل مضي 24 ساعة عليها، هذا بالإضافة للتطعيمات الدورية المضادة لالتهاب الكبد الوبائي وذلك خلال الأشهر الستة الأولي من عمر الطفل.
الوقاية
الوقاية من المرض تبدأ من خلال حصول الطفل على التطعيمات الخاصة بالمرض خلال السنة الأولى من عمره، يلي ذلك الحرص على استخدام الأدوات الشخصية وعدم استخدام أدوات الغير خاصةً التي قد تنقل المرض منها مثل: (أدوات الحلاقة، فرشاة الأسنان، الإبر)، واستخدام الواقي أثناء المعاشرة الزوجية في حالة إصابة أحد الزوجين بالمرض.
فيديو يوضح أهم تطعيمات فيروس بي (B) للأم الحامل والأطفال:
التهاب الكبد الوبائي أثناء الحمل (C)
وهو يعتبر أخطر الفيروسات الخمسة وذلك لعدم وجود تطعيمات ضده، مع إمكانية تكرار العدوى أو الإصابة به أكثر من مرة.
كيفية العدوى
ينتقل المرض عن طريق الدم غالبًا، ونادرًا ما ينتقل عن طريق سوائل الجسم الأخرى مثل: السائل المنوي، ولذلك فهو ينتقل من خلال الأدوات المرتبطة بالدم، مثل: (الحقن، أمواس الحلاقة، الإبر المستخدمة في الوشم، الأدوات الطبية غير المُعقمة) وذلك عند استخدامها من قبل شخص سليم بعد استخدامها من قبل شخص مُصاب.
أو من خلال عمليات نقل الدم الملوث، ولكنه نادرًا ما ينتقل أثناء المعاشرة الزوجية، وقد ينتقل فيروس B إلى الجنين أثناء الولادة سواء كانت قيصرية أو طبيعية، ولكن احتمال انتقاله بتلك الطريقة هو نسبة ضئيلة، ولا ينتقل الفيروس من خلال لبن الأم ما لم تكن هناك تشققات أو جروح بثديها، فعندئذٍ قد ينتقل من خلال الدم الذي يخرج منها.
الأعراض
قد يظل الفيروس خاملًا لسنوات تصل إلى 10 أو 20 عامًا، وقد تبدأ أعراض فيروس C بعد فترة تتراوح بين ( 5: 10 أسابيع)، ومع بداية ظهور الأعراض تُسمى بالمرحلة الحادة، وأعراضه هي:
- الغثيان والقيء.
- ارتفاع درجة الحرارة.
- اصفرار العينين.
ثم يلي ذلك المرحلة المُزمنة، وليس لها أعراض تذكر أيضًا، وغالبًا ما يكون عبارة عن شعور عام بالإرهاق.
تأثيره فيروس c على الحمل
قد يؤدي إلى حدوث الولادة المبكرة، ويسبب انخفاض وزن الجنين عند ولادته، وقد يسبب أيضًا إصابة الأم بسكر الحمل ونزيف حاد في أواخر مراحل الحمل.
العلاج
على عكس التهاب الكبد الوبائي B، فإن التهاب الكبدي الوبائي C له نسبة شفاء منخفضة بدون علاج، كما أن نسبة الشفاء مع استخدام العلاج ليست مرتفعة، وإن كانت الأبحاث مستمرة مع استخدام العقاقير الجديدة لرفع تلك النسبة. كما أنه من الممكن أن يصاب الشخص بالفيروس أكثر من مرة، حتى إن استطاع الجسم مقاومته في المرة الأولي من دون أدوية، فمن الممكن أن يُصاب به الشخص مرة أخرى.
الوقاية
لا يوجد تطعيم للوقاية من الإصابة بفيروس C (وذلك بخلاف A، B) وتتمثل الوقاية من فيروس التهاب الكبد الوبائي C في الحرص على عدم استخدام الأدوات الشخصية الخاصة بالآخرين، وخاصةً تلك التي قد تسبب نقل المرض.
التهاب الكبد الوبائي أثناء الحمل (D)
كيفية العدوي
هذا الفيروس لا يصيب إلا الأشخاص المصابين بالتهاب الكبد الوبائي B. أما الفيروس نفسه فينتقل بنفس طريقة انتقال التهاب الكبد الوبائي B عن طريق الدم، والأدوات المُتعلقة به من أدوات شخصية أو أدوات طبية غير مُعقمة مثل: الحقن وأدوات طبيب الأسنان غير المعقمة.
الأعراض
له نفس أعراض التهاب الكبد الوبائي B، وتتمثل خطورته في أنه يجعل الإصابة بالتهاب الكبد الوبائي B أكثر سوءًا، وقد يؤدي إلى التسبب في حدوث فشل كبدي مفاجئ.
العلاج
يستخدم معه نفس العلاج المستخدم في علاج التهاب الكبد الوبائي B، فهذا الفيروس يحتاج لفيروس B لينشط ويصيب الكبد، لذلك عند القضاء على فيروس B، يتوقف نشاط هذا الفيروس.
الوقاية
لا يوجد تطعيم خاص للوقاية من التهاب الكبد الوبائي D، ولكن الحصول على التطعيم الخاص بالتهاب الكبد B، وتجنب الإصابة به هو طريقة للوقاية من التهاب الكبد الوبائي D.
التهاب الكبد الوبائي أثناء الحمل (E)
يمثال هذا الالتهاب التهاب الكبد الوبائي E، التهاب الكبد الوبائي A في أعراضه وطرق انتشار العدوى.
الأعراض
تتراوح فترة حضانة المرض بين (أسبوعين إلى 6 أسابيع)، ومثل جميع فيروسات التهاب الكبد الوبائي قد لا تحدث أعراض على الإطلاق، وفي بعض الحالات قد تظهر أعراض خفيفة يتم الخلط بينها وبين الإنفلونزا مثل:
- فقدان الشهية.
- الشعور بالغثيان والقيء.
- ارتفاع درجة الحرارة.
- وأحيانًا قد يحدث اصفرار الجلد والعينين.
العلاج
لا يوجد علاج محدد لالتهاب الكبد الوبائي E، فغالبًا ما يُشفى المريض من تلقاء نفسه، وحالات نادرة هي التي تتطور الحالة حتى يحدث تليف في الكبد.
الوقاية
لا يوجد تطعيم خاص بالتهاب الكبد الوبائي E، وتتمثل طريقة الوقاية منه في تجنب أسباب العدوى من الحرص على النظافة الشخصية، والتأكد من طهي الطعام جيدًا؛ حيث يموت الفيروس عند درجة الغليان، والحذر عند التعامل مع الأشخاص المصابين بالمرض.
دكتور محمد عامر الخطيب يتحدث عن فيروس الكبد الوبائي والحمل:
لذلك على الأم إذا لم تكن مُصابة بالفيروس أن تكون حذرة وتتجنب استخدام أي أدوات شخصية قد ينتقل التهاب الكبد الوبائي بها، والحرص على النظافة الشخصية، والتأكد من طهي الطعام جيدًا، وتعقيم المياه قبل شربها، وتجنب المأكولات البحرية التي تؤكل نيئة أو نصف مطهية.
أما إذا كنت مصابة قبل الحمل فعليكِ إخبار الطبيب، والتأكد من تطور المرض طوال فترة الحمل، وإجراء التحاليل المطلوبة على الفور مثل: تحليل وظائف الكبد، وعند الولادة سواء كانت قيصرية أو طبيعية تأكدي من إخبار من يقوم بعملية التوليد أنكِ مُصابة ليتخذ الاحتياطات الطبية اللازمة. وفور ولادتك احرصي على أن يحصل الطفل على التطعيم الخاص بالتهاب الكبد الوبائي أ، ب.
اترك تقييم