تعيش بعض النساء حالة توتر طيلة الحمل خوفًا على جنينها، وتبدأ تحرياتها حول كل كبيرة وصغيرة تخص المرأة الحامل، وقد تتحول هذه التحريات إلى هواجس تُثير قلقها وتؤرق مضجعها، وتدخل في بوتقة الوسواس.
إن الحمل ليس حالة مرضية على العكس بل هو أمر طبيعي جدًا، ولذلك ينبغي على المرأة ممارسة حياتها الطبيعية ونشاطاتها اليومية بعيدًا عن الجهد الزائد وتناول الأدوية دون استشارة الطبيب، مادام الحمل طبيعيًا.
ولكن في بعض الحالات تحتاج الحامل لمزيد من الرعاية الصحية بناءً على إرشادات الطبيب، وحسب ما تقتضيه حالتها الصحية.
ولذلك سأضع اليوم بين يديك سيدتي دليلًا واسعًا يتحدث عن كل ما يهم المرأة الحامل فتابعي معي.

الأعراض التي تظهر على الحامل، وكيفية الحد منها؟
يعد الشعور بالغثيان والدوار وضيق النفس وآلام الظهر والتعب العام والشعور بالنعاس وتقلبات المزاج من الأمور الطبيعية في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، وهذه الأعراض لا تؤثر نهائيًا على الجنين، وتستطيع المرأة الحامل الحد منها.
الغثيان
يمكن التخفيف من حدة الشعور بالغثيان من خلال إتباع الخطوات التالية:
- الابتعاد عن الضغوط النفسية والتوتر، فهي تؤثر على المعدة وبالتالي تزيد من حالات التقيؤ.
- تناول وجبات طعام صغيرة ومتعددة وغنية بالبروتينات والنشويات بعيدًا عن الدهون الزائدة والتوابل التي تُهيج المعدة والقولون.
- تناول البسكويت أو الكعك عند الاستيقاظ للحد من الشعور بالغثيان.
- الابتعاد عن تناول الأطعمة الحامضة والمقلية لأنها تزيد من تهيج المعدة.
- الإكثار من شرب الماء لأنه يساعد على تمدد حمض المعدة.
- تناول المشروبات المهدئة للمعدة مثل: البابونج.
- تناول ملعقة عسل فقط أو ملعقة عسل في كأس ماء دافئ في الصباح.
آلام الظهر
تعد آلام الظهر عاملًا مؤرقًا للمرأة الحامل، ولكن أود أن أطمئنك سيدتي أن آلام الظهر أمر طبيعي أثناء الحمل، وخصوصًا مع ازدياد حجم الجنين، وبالتالي ازدياد الضغط على المعدة والظهر، ولتخفيف هذه الآلام عليكِ القيام بما يلي:
- عليكِ الخلود للراحة عندما تشعرين بآلام الظهر.
- وتستطيعين تقسيم العمل، كي لا تشعري بالإجهاد.
تغيرات البشرة
تتعرض المرأة خلال فترة الحمل لتغيرات هرمونية، وينعكس أثر هذه التغيرات على البشرة، فتظهر بقع داكنة في الوجه (الكلف)، أو قد تتعرض لظهور التشققات في الصدر ومنطقة البطن، نتيجة تمدد الجلد.
ولا تستطيع المرأة السيطرة على هذه التغيرات أثناء الحمل، إلا من خلال تخفيف التعرض لأشعة الشمس، في حين من الممكن أن تعالجها بعد الولادة من خلال استعمال الكريمات المناسبة.
ظهور الدوالي
تظهر الدوالي عند المرأة الحامل ومع تقدم الحمل، ولكن بدرجات مختلفة، وبإمكان المرأة الحد قدر المستطاع من ظهورها من خلال إتباع الإجراءات التالية:
- الامتناع عن الوقوف أو الجلوس لساعات طويلة.
- عند الانتهاء من عمل يحتاج للوقوف عليكِ الاستلقاء ورفع الساقين.
- الابتعاد عن ارتداء الملابس الضيقة.
التبول المتكرر
تظهر هذه الحالة عند الحامل وتزداد مع ازدياد حجم الجنين، فعندما يكبر الرحم يضغط على المثانة، وهذا ما يسبب الشعور بالحاجة للتبول باستمرار.
وللحد من هذا العرض عليك إتباع الخطوات التالية:
- الحد من تناول الكافيين فهو مدر للبول.
- عدم الإكثار من السوائل قبل النوم.
- التفريق بين التبول المتكرر بسبب الحمل، والتبول المتكرر مع وجود حرقة بسبب التهاب في المسالك البولية.
- لا ينبغي حبس البول أو تأجيل التبول في حال شعورك بالحاجة إلى ذلك؛ لأن هذا يساعد على حدوث التهابات بالمسالك البولية.

حرقة المعدة
تزداد حرقة المعدة في فترة الحمل بسبب ازدياد حجم الرحم الذي يضغط على المعدة، فيسبب ارتجاع الطعام، وحموضة المعدة، وللحد من ذلك ينبغي:
- تناول وجبات صغيرة.
- تجنب تناول الأطعمة الغنية بالتوابل.
- عدم تناول الطعام والخلود إلى النوم مباشرة.
- زيادة عدد الوسائد كي تبقى فوهة المعدة مرتفعة ولا يحدث الارتجاع.
- تجنُب المشروبات الغنية بالأسيد.
- تناول الفيتامينات أثناء الوجبة وليس بعدها، فذلك يخفف من أثرها على المعدة.
انحباس السوائل
حيث تشعر المرأة ليلًا بعد وقوفها لساعات طويلة خلال النهار بتورم في الجسم وخصوصًا في القدمين، ولذلك يتوجب عليكِ رفع قدميك في المساء للتخفيف من حدة هذا العرض.
احذري من ثلاثة
الإمساك
قد تتعرض المرأة الحامل للإمساك، ويعد الإمساك من أعداء الحمل، لذلك يجب الإسراع في التخلص منه، من خلال:
- الإكثار من تناول الأطعمة الغنية بالألياف والحبوب الكاملة.
- الإكثار من السوائل فيجب أن تشرب المرأة الحامل ما يقارب من ثلاث لترات من الماء يوميًا.
- الابتعاد عن الوجبات الجاهزة.
- ممارسة الرياضة؛ فهي تنشط الدورة الدموية وحركة الأمعاء، وبالتالي تساعد على الوقاية من الإمساك.
الإسهال
قد تتعرض المرأة للإسهال أثناء الحمل، وقد يكون سببه جرثومي أو فيروسي، أو طفيلي، أو بسبب اضطراب هضمي نتيجة عدم تحمل غذائي.
والإسهال من أعداء الحمل أيضًا ولذلك يجب مكافحته بسرعة، وخصوصًا الإسهال الحاد، فقد يؤدي إلى الجفاف، مما يستوجب التوجه إلى المستشفى لتعويض نقص السوائل عند الحامل.
بالإضافة إلى أن تقلصات الأمعاء المصاحبة للإسهال قد تنعكس على العضلة الرحمية فتسبب تقلصات في الرحم، مما يؤدي لحدوث ولادة مبكرة، ففي حال نزول السائل الأمينوسي أو إفرازات نسائية مخاطية بكثرة يتوجب عليكِ سيدتي التوجه للمستشفى مباشرةً فهذه من علامات الولادة.
التهاب المسالك البولية
صعوبة في التبول، حرقان، تغير لون البول، ألم أسفل البطن، كل هذه الأعراض ينبغي الحذر منها عند اجتماعها، فهي تشير إلى وجود التهاب في المسالك البولية.
فعندما يكبر الجنين يضغط على المثانة، وبالتالي يؤدي إلى عدم تفريغ البول بالكامل، وهذا ما يشكل وسط ملائم لنمو البكتريا وحدوث التهاب.
والتهاب المسالك البولية ليس بالمرض الخطير في بدايته، ولكن قد يؤثر على الجنين بشكل مباشر في حال إهماله وتطوره، فمن الممكن أن يتسبب بالولادة المبكرة وولادة جنين ذو وزن أقل من الطبيعي، ومن الممكن أن يتسبب في الإصابة بمرض تسمم الحمل.
أخطاء شائعة
الجماع يؤدي إلى الإجهاض في بداية الحمل
هذا خطأ شائع ولا أساس له من الصحة، فالجماع لا يؤثر نهائيًا على الحمل، إلا في بعض الحالات التي يطلب فيها الطبيب المختص عدم ممارسة العلاقة الزوجية لفترة محددة وليس طيلة الحمل.
وذلك في حالة فتح عنق الرحم قبل أوانه، وفي حالة حدوث نزيف أثناء الحمل، أو في حالة حدوث إجهاضات متكررة سابقًا، أو الحمل بأكثر من جنين، وكذلك في حالة الالتهابات التناسلية عند المرأة.
تعرض المرأة لأشعة السونار يؤدي لحصول تشوهات
أطمئنك سيدتي الحامل أن أشعة السونار آمنة على الجنين وعلى الأم، وليس لها أي آثار جانبية على الجنين، وكذلك أشعة الرنين المغناطيسي في الحالات الاضطرارية، في حين ينبغي تجنب بقية أنواع الأشعة مثل: أشعة X.
الحامل وطبيب الأسنان لا يجتمعان
وهذه معلومة خاطئة، فالمرأة الحامل تستطيع معالجة أسنانها في حالة كان حملها طبيعي، ولكن يجب إخبار الطبيب بوجود حمل، ولا تقلقي من التخدير الموضعي، فيستطيع الطبيب المعالج التحكم بكمية المخدر بما لا يضر بالجنين.
بين المنفعة والضرر
الرياضة

كلنا يعلم بأن الرياضة مفيدة ولكن هل الرياضة مفيدة للحامل؟
إن ممارسة الرياضة مهمة جدًا للحامل فهي تساعد على تماسك وقوة عضلاتها، مما يساعدها على تحمل الحمل، بالإضافة إلى أنها تساعدها على الولادة، وتستطيع بفعل الرياضة استعادة رشاقتها بسرعة أكبر بعد الولادة.
ولكن أي أنواع الرياضة يُفضل أن تمارسها المرأة الحامل؟
يجب الابتعاد عن الرياضة المجهدة، أو التي تعتمد على الركض والهرولة، ولا يوجد مشكلة في ممارسة رياضة المشي أو السباحة، وتعد السباحة من أفضل الرياضات للحامل، بالإضافة إلى اليوجا وتمارين التمدد.
الأدوية

هناك معلومة بسيطة تعلمها كل حامل وهي: لا يجدر بالمرأة الحامل تناول أي نوع من أنواع الدواء دون استشارة الطبيب، ولكن هناك بعض الأدوية المخففة لأعراض الحمل والتي لا بأس من تناولها مثل:
Spasmo-Cibalgin
وهو دواء يُستخدم للتخفيف من آلام المغص أثناء الحمل.
الميتوكلوبراميد والميكليزين والبيريدوكسين:
وهي أدوية مضادة للتقيؤ.
أما الأدوية التي لابد منها للحامل:
المكملات الغذائية
لابد لكل حامل من تناول فيتامين حمض الفوليك، فنقص هذا الفيتامين يُعرض الجنين للتشوهات العصبية؛ لأنه له علاقة بالانقسام الخلوي.
ومن بداية الشهر الرابع تأخذ الحامل دواء “فيتامينات الأمومة”، وهو يحتوي على مجموعة من الفيتامينات مثل: حمض الفوليك، وأملاح معدنية من ضمنها الحديد والزنك وفيتامين ب12، وقد أثبتت الدراسات أن نقص هذه الفيتامينات يُعرض الحامل لمرض خطير وهو التسمم الحملي ونوبات الإرجاج.
دواء ميتفورمين
هو دواء ضروري جدًا أثناء الحمل لمن تُعاني من المبيض المتعدد الأكياس، وقد يتسبب إيقافه أثناء الحمل في حصول بيضة رائقة (معطوبة)، مما يؤدي إلى توقف الحمل عن النمو في الشهر الثاني أو الثالث؛ ولذلك ينصح بتناوله حتى نهاية الشهر الرابع.
استعمال الصبغات
في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل تنصح المرأة بالابتعاد عن استخدام الصبغة وذلك بسبب وجود أبخرة في بعض الصبغات من الممكن أن تكون ضارة على الجنين، أما الصبغات التي تحتوي على غاز الأمونيا فهي من الصبغات التي ينصح بالابتعاد عنها طيلة فترة الحمل.
ويمكن الاستعاضة عنها باستخدام الصبغات النباتية مثل: الحناء، فالحناء لا تؤثر على الحامل أو الجنين.
حركة الجنين
تبدأ حركة الجنين بشكل غير محسوس ما بين الأسبوع السابع ومنتصف الثامن، في حين تبدأ الحامل بالشعور بها ما بين الأسبوع السادس عشر والعشرين أي بين الشهر الرابع والخامس.
يتحرك الجنين بمعدل خمسين حركة في الساعة، دون أن تشعر الأم بكل هذه الحركات، وذلك بسبب صغر حجمه، في حين تقل حركاته، ويزيد إحساس الأم بالحركة مع كبر حجم الجنين، بسبب تضاؤل المساحة في الرحم من ناحية، وخلوده للنوم من ناحية أخرى.
ولكن متى ينبغي على المرأة الحامل أن تقلق؟
يجب أن تشعر الأم بالقلق عندما تتوقف حركة الجنين لأكثر من ساعة، أو تقل بمعدل أقل من عشر حركات خلال ساعتين، وللاطمئنان ينبغي أن تستشير الطبيب المختص.
فربما يكون ذلك إنذارًا بأن هناك مشكلة يعاني منها الجنين، مثل: نقص وظائف المشيمة التي تؤدي إلى عدم وصول الغذاء الكافي له، أو ربما تكلس المشيمة الذي يؤثر أيضًا على وصول الغذاء إلى الجنين، أو التفاف الحبل السري بشكل محكم حول عنق الجنين مما يؤدي إلى اختناقه.
غذاء الأم الحامل

وجود أعراض الحمل في الأشهر الأولى قد تجبر السيدة الحامل على إهمال بعض أنواع الأطعمة خوفًا من الشعور بالغثيان أو التعرض للتقيؤ.
ولكن يعد أمر الغذاء الصحي أمرًا أساسيًا للغاية فالتغذية الصحية تؤثر على حياة الجنين المستقبلية، ولذلك يجب التركيز خلال فترات الحمل الثلاثة على أنواع معينة من الغذاء.
أنواع الغذاء في الثلث الأول من فترة الحمل
تحتاج المرأة في هذه الفترة للأغذية الغنية بالفيتامينات A , B وكذلك الأغذية الغنية بالبروتينات، ففي هذه الفترة يكون الجهاز العصبي للجنين في طور البناء.
أنواع الغذاء في الثلث الثاني من الحمل
يجب عليكِ أن تركزي على الأطعمة الغنية بالكالسيوم والحديد والسكر، فالجنين في طور النمو وبحاجة لهذا الغذاء.
أنواع الغذاء في الثلث الثالث من الحمل
يجب التركيز على الحمض الدهني أوميغا 3، بسبب تطور منظومة الدماغ في هذه الفترة، كما ينبغي خفض مستوى السكريات والأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية.
ولكن في نفس الوقت ينبغي على المرأة الحامل مراعاة وزنها، فالمطلوب هو طعام صحي مغذي وليس أطعمة تؤدي للسمنة دون الحصول على العناصر الضرورية، فزيادة الوزن بالأشهر الثلاثة الأولى تكون بشكل طفيف.
في حين سيزداد وزن المرأة الحامل بشكل طبيعي في الأشهر الأخيرة نتيجة كبر حجم الجنين، وتذكري أن صغر حجم الجنين يساعد على الولادة بسهولة أكبر.
وأخيرًا نتمنى لكِ السلامة سيدتي الحامل، وتذكري أن الوعي الصحي أمر ضروري جدًا، ولا تنسي أن تخبري طبيبك بأي أعراض غريبة تلاحظينها على نفسك أو على تطور الجنين، حيث أن المرأة الحامل دائمًا في توتر بسبب قلقها على طفلها.