أبنائي يأكلون أفضل الأطعمة، يلبسون أفضل الماركات، يتنزهون في أفضل الأماكن، إلى غير ذلك…. تلك هي إجابة الكثير من الأهل عندما تسألهم: هل تربي أطفالك تربية صحيحة؟
إذ إنه قد أصبحت تربية الأطفال في عصرنا الحديث من المهام الصعبة حقًا، وأصبح الطعام والشراب والملبس والسكن أهم الأشياء في تربية الأطفال لدى البعض، وليس التغيير في سلوكهم وملاحظة أفعالهم وأقوالهم وتقويمهم للأفضل؛ ليتعلموا قواعد دينهم ودنياهم بشكل صحيح.
يجب على الأهل الاهتمام أكثر بإنشاء أطفالهم نشأة سوية، ذوي أخلاق حميدة يحتذون بهم وسط أبناء جيلهم في المجتمع. لذلك وفيما يلي سيأخذنا الحديث إلى موضوع تربية الأطفال وكيفية التعامل معهم، وطرق وأساليب التربية الصحيحة، وغيرها من المعلومات التي تهم الكثيرون.
أهمية تربية الأطفال
يجب أن يضع كلاً من الأبوين على عاتقه المسؤولية برمتها؛ وذلك لأن تربية الأبناء تربية صالحة مسؤولية أمام الله تعالى وسيسأل عنها كليهما.
فقد أمرنا الله تعالى برعاية أبنائنا وتربيتهم تربية صالحة، وفي الحديث الشريف عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم “إن الله سائلٌ كل راعٍ عما استرعاه، أحفظ أم ضيع؟ حتى يسأل الرجل عن أهل بيته”.
والله سبحانه وتعالى يوم القيامة سيسأل الأب عن ولده قبل أن يسأل الابن عن أبوه؛ وذلك لأن ما يقع على عاتق الأب تجاه الابن حقوقًا كثيرة منها: حق تعليمه كل الفرائض والسنن، وتوجيهه إلى الصواب، وإبعاده عن الخطأ ومتابعته المستمرة له.
كيفية تربية الأطفال والتعامل معهم
دائمًا تعتبر مرحلة الطفولة هي الأهم على الإطلاق في حياة أي إنسان؛ حيث يتشكل فيها نفسية الطفل وسلوكه، فإن عانى فيها من مشاكل أو اضطرابات سلوكية ستؤثر بالتبعية على نشأته التربوية الصحيحة.
كما أن في هذه المرحلة أيضًا نكتشف أن الطفل دائمًا ما يقلد أبيه وأمه ومعلميه في كل شيء سواء كان صوابًا أم خطأ، لذلك علينا أن نستفيد بهذه المرحلة أكبر استفادة، ونعمل على ترسيخ العادات الحميدة والأخلاق والمفاهيم الدينية البسيطة التي يسهل عليه فهمها واكتسابها وبالتالي محاكتها، وعدم فعل الأشياء الخاطئة أمامه حتى لا يقوم بفعلها تقليدًا لنا.
أهمية الحفظ بالنسبة للأطفال وكيفية الاستفادة منه
بحسب الدراسات أثبتت أن الأطفال في سن مبكرة يحفظون سريعًا ويصعب عليهم النسيان بسهولة. ومن ثم فيمكننا الاستفادة من ذلك في حفظ القرآن الكريم والأحاديث الشريفة والأذكار، ويجب ألا تنسى أهمية مكافأة الحفظ بأي شيء ولو بسيط؛ لما لها من آثار إيجابية على نفسية الطفل وتشجيعه على الاستمرار في ذلك.
شاهدي: نصائح لها تأثير إيجابي في تربية الأطفال تربية سليمة
أساليب التعامل الصحيحة في تربية الأطفال
كُن ذكيًا في استخدام أساليب التعامل مع الطفل؛ فاستخدام الأساليب المختلفة والمتنوعة يُعد من الأشياء الهامة والضرورية في تربية الأطفال، ومن هذه الأساليب:
- استخدم أسلوب الثواب والعقاب مع الطفل؛ فكل فعل يجب أن يُجازى عليه سواءً كان جزاءٌ حسن أم بعقابه على فعل الخطأ.
- مدح الطفل والثناء على سلوكه وأفعاله، وذلك في حال قيامه بعملٍ صالح أو تنفيزه لأوامر أمه أو أبيه.
- تشجيع الطفل دائمًا وإظهار الاهتمام به وعدم تجاهله لصغر سنه.
- الاستماع إلى أسئلته والرد عليها بإجابات مقنعة، وكذلك قبول أي آراء أو اقتراحات يقدمها، فذلك يشعر الطفل بأهميته ويعطيه الثقة بالنفس.
- الحكم بالعدل بين الأخوات سواء كانوا بنات أو أولاد؛ حيث قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: “سووا بين أولادكم في العطية”.
- منحهم الهدايا العينية والنقدية، أو زيادة المصروف إذا تداعى الأمر لذلك.
- حث الأبناء وتشجيعهم دائمًا على مصاحبة الأطفال الصالحين.
- كُن لأطفالك قدوة صالحة دائمًا، وتحلى في كل أفعالك أمامهم بالصبر وحسن التصرف.
- نعطيهم الحرية التي يحتاجون إليها ولكن تحت مراقبتنا ليتعلموا الاعتماد على النفس.
- غرس فيهم أهمية الاستعانة بالله في كل التصرفات والمواقف، فإذا هموا بفعل شيء عليهم أن يسموا الله، وإذا قالوا سنفعل شيء عليهم بتقديم المشيئة.
- سرد قصص دينية سواء كانت “قصص القرآن الكريم، الأنبياء، قصص الحيوانات في القرآن، قصص الصحابة، سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وغيرها من القصص الأخرى التي تتكلم عن الأمانة، الصدق، ونضرب لهم أمثلة بسيطة ليقلدوا ما تعلموه منها.
- نشركهم في صلواتنا الخمس وفي قراءة القرآن ليعتادوا على ذلك.
- اللعب مع الطفل وإكسابه قيم من هذه الألعاب سواء كانت قيم تربوية أو اجتماعية أو إبداعية.
- السماح لهم بالخروج للتنزه في رحلات ترفيهية مع الأصحاب تحت إشراف الأسرة أو المعلمين، وكذلك الخروج مع الأسرة.
- تعليم الطفل بالمواقف والنماذج العملية، الذوق واحترام الكبير، العطف على من هم أصغر منه، التأدب مع الوالدين.
- تربية الطفل دائمًا على أن إبليس هو عدونا الأول؛ فهو سبب خروج سيدنا آدم من الجنة، كما أنه يوسوس لنا في الصلاة.
فيديو مهم جدًا عن تربية الأطفال
موضوعات أخرى:
كيف أعلم الطفل التعود على دخول الحمام بمفرده؟
تربية الأطفال وتعليمهم القواعد الأساسية مُنذ الصغر
كل أسرة تتمنى أن تنجح في تربية أطفالها تربية صحيحة وصالحة، وتغرس فيهم كل ما هو جيد خلقًا ودينًا؛ حتى ينشئون على خلق طيب وتمسك بالدين، ومن القواعد التي يجب تعليمها للأطفال مُنذ صغرهم ما يلي:
- يجب أن يكون طفل عقيدته سليمة من خلال: (حافظ لأركان الإيمان، التأدب مع الله، الإيمان بالغيب، مُخلص لله ويخافه).
- صحيح العبادة: كأن يكون صحيح الوضوء، صحيح الصلاة، يتعود على الصيام، يتعود على الزكاة والصدقة، يتعلم آداب الدعاء، يتعود على الذهاب إلى المسجد والالتزام بآدابه).
- قوي الخلق من خلال: (الصدق، الأمانة، الرحمة، الشجاعة، التواضع، الإحساس بالآخرين، أداء ما عليه من حقوق الوالدين، حقوق الجيران، حقوق المعلمين، حقوق الأخوات والأقارب والأصدقاء، آداب الحديث، آداب الضيافة، آداب الطريق، آداب المجلس).
- يفكر ومثقف: (تعليمه أحكام تلاوة القرآن، أحكام الصيام والصلاة والطهارة، السيرة النبوية، قصص الأنبياء والرسل، الإلمام بالمعلومات العامة).
- ذو بنية قوية: (الحفاظ على النظافة الشخصية، الاهتمام بصحته العامة، الاهتمام بالرياضة، التغذية الصحية).
- ينفع الغير: (التشجيع على مساعدة الآخرين، مساعدة الأم والأهل، يتمتع بالتصدق على الفقراء، التهادي مع الآخرين، مساعدة الكبير والعطف على الصغار).
- الحرص على الوقت: (تعليمه أهمية الوقت، تنمية حب القراءة والاشتراك في أحد المكتبات، تنمية موهبته، عمل جدول للمذاكرة).
- مجاهدة النفس: (يتعلم مجاهدة نفسه مثل: ترك النوم والقيام لصلاة الفجر، حساب يومي من الأب له وبالتالي يتعلم أن يحاسب نفسه كل ليلة).
- قادرًا على كسب الأموال ولو شيء رمزي: (وهذا الهدف منه غرس أهمية العمل وإحساسه بالأب، تنمية مهارة الابتكار).
- منظم: (يرتب غرفته وأدواته، تنظيم وقته ما بين المذاكرة وحفظ القرآن والصلوات واللعب).
فيديو يحتوي على نصائح حول تربية الأطفال
https://youtu.be/STyG8hWtAfg
علاقة المودّة بين الوالدين ودورها في تربية الأطفال
يقول دكتور سپوك: (اطمئنان الأطفال الأساسي والشخصي دائمًا ما يحتاج إلى تماسك العلاقة ما بين الوالدين، كما يحتاج لانسجام الاثنين معًا في مواجهة مسؤوليات حياتهم).
إذًا من واجبات الأب والأم هي إشاعة الاستقرار والود والطمأنينة داخل محيط الأسرة؛ فالعلاقات بين الوالدين عندما تكون علاقات مودة ورحمة، تكون سكنًا للنفس وهدوءً للأعصاب وطمأنينة، وينعكس ذلك على نفسية للأطفال.
مما يؤدي إلى ربط الأسرة ببعضها البعض وتماسكها وتقوية بنائها، وذلك يؤدي بدوره إلى الاحترام المتبادل ما بين الأهل والأبناء، والتعاون في حل جميع المشكلات الطارئة على الأسرة، مما يؤدي في النهاية إلى التوازن الانفعالي لأبنائهم.
إثارة المشكلات والخلافات وتأثيرها في تربية الأطفال
الخلافات والمشاكل بداخل الأسرة تخلق الأجواء المتوترة والمتشنجة التي تهدد تماسكها واستقرارها، وقد يحدث في كثيرٍ من الأحيان إلى نهاية العلاقة بين الوالدين وهدم الأسرة بالكامل، فتعد الخلافات عامل مُقلق لجميع أفراد الأسرة والأطفال هم الأكثر تأثرًا بذلك.
حيثُ تؤدي الأوضاع المتشنجة والخلافات بين الأهل إلى خلل في للثبات والتوازن العاطفي لدى الأطفال، بجميع مراحل عمرهم، بدءًا بالأشهر الأولى من الحمل وحتى السنين الأولى من ولادة الطفل، وصولًا إلى المراحل اللاحقة بها؛ فالأجواء المتوترة تترك آثار سيئة على شخصية الأطفال المستقبلية، لذا لا بد من تجنب إثارة المشكلات داخل الأسرة بقدر الإمكان.
كيف يؤثر التوازن بين الشدّة واللين في تربية الأطفال
إن الإحسان إلى الطفل وتكريمه وإشعاره بالحنان والحب، وإشعاره أيضًا بمكانته الاجتماعية، وبأنه مقبول لدى والديه ومجتمعه، يجب ألا يتعدى حدود الطبيعي، وألا يصل إلى درجة الإفراط به، وألا تترك للطفل الحرية المطلقة بأن يفعل ما يريد دائمًا، فيجب على الوالدين وضع منهجًا متوازنًا للتصرّف معه.
بألا يتساهلا مع الطفل لأقصى حدود التساهل، وألا يعنّفاه على أي شيء يرتكبه، ويجب أنْ تكون الشدة ويكون اللين في حدودهما وبالقدر المسموح به، ويكون التوازن بينهما هو الحاكم على موقف الطفل؛ حتى يتخطى مرحلة طفولته باطمئنان وسلام، بل ويميّز بين السلوك المنبوذ والسلوك المحبوب؛ لأن الخمسة سنوات الأولى أو الست سنوات من عمر الطفل هي التي تشكل نمط شخصيته.
حرية الطفل في اللعب وتأثيرها على تربية الأطفال
إن النشاط واللعب استعدادًا فطريًا لدى الأطفال يولدون عليه، فيتخلصون من خلاله من الطاقة الزائدة لديهم، وهو أيضًا مقدمة إلى العمل الجاد والهادف، ويعطي للطفل القدرة على التعامل مع من حوله، سواءً كانت هذه القدرة لغوية أو عقلية أو جسدية.
ومن خلال اللعب يكتسب المعرفة بخصائص الأشياء المحيطة به، وهو أيضًا ضروري للطفل وفوائده متعددة في تلك المرحلة والمراحل التي تليها؛ ذلك لأن الطفل يتعلم من خلال اللعب كيف يتحكم في ذاته، والتعاون مع غيره، والثقة بالنفس إلى غير ذلك.
فلا بد من ترك الطفل يأخذ وقته في اللعب الذي يتناسب مع المرحلة العمرية له، وألا نوبخه لأنه يقوم باللعب دون داعي، ويجب العلم بأن هذا هو حقه بأن يلعب؛ حتى يشعر بمرحلة طفولته ويتذكرها دائمًا كلما كبر.
تعرفي على أشهر 8 أخطاء في تربية الأطفال
https://youtu.be/k0t02GrFS6w
موضوعات ذات صلة:
- أسباب السلوك العدواني لدى الأطفال وكيفية التعامل معه؟
- 6 قصص هادفة للأطفال مع هدف كل قصة
- طُرق مُبسطه لتحفيظ الطفل الحروف الهجائية
وفي الختام فإن أكبر عظماء العالم والذين أمضوا حياتهم لخدمة البشرية، هم نتاج التربية الصالحة التي تلقوها في صغرهم، وأثرت في صناعة أنفسهم فأصبحوا عظماء بذلك، وفي المقابل نجد أن من أكثر الناس الذين يعيثوا في الأرض فسادًا، هم الذين وجدوا منذ صغرهم تربية خاطئة وأيادي جاهلة تحيطهم.
فحين نغرس في أبنائنا القيم الطيبة منذ الصغر سيكبرون على ذلك والعكس هو الصحيح، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: (قَلْبُ الحَدَثِ كالأرضِ الخَالِيَة، مَا أُلقِيَ فِيهَا مِنْ شَيءٍ قَبلَتْهُ)، فتبقى تربية الأطفال في الصغر عاملًا يؤثر على سلوكهم حتى الكبر.