قد تستصعب الأمهات ذات الظروف الخاصة تحقيق مُعادلة الجمع بين الرضاعة الصناعية والرضاعة الطبيعية، بيد أن إمكانية تعويد الطفل على ذلك سهلة وغير مُعقدة.
لكن قبلًا لا بد من التعرف على المُتطلبات والدواعي المُحددة لتنفيذ هذا الجمع، وكذلك معرفة آلية الجمع المثالية؛ حفاظًا على صحة الطفل وحُسن نموه. هذا المقال يفيد في معرفة كل شئ عن الجمع بين أسلوبيّ الرضاعة.
أسباب اللجوء إلى الرضاعة الصناعية بجانب الطبيعية
من المعلوم بالضرورة أن الرضاعة الطبيعية هي الغذاء الأمثل والأكثر فائدة وصحة للأطفال، ولكن تعدد الأسباب المُلِحَّة للجمع بين الرضاعة الطبيعية والرضاعة الصناعية، حتى إنها تختلف من مُرضعة إلى أخرى، وبشكلٍ عام تُعد من أبرز أسباب الجمع ما يلي:
- الإفراز القليل لحليب الثدي بالقدر الذي لا يكفي حاجة الطفل التغذوية.
- مُعاناة الأم من أحد الأمراض المُعدية، وبالتالي الخوف من انتقال العدوى للرضيع.
- إلزامية تعاطي الأم أصنافًا دوائية لمُعاناتها من مُشكلاتٍ صحية، ومن ثَم العمل على حماية الرضيع من أثر هذه المُركبات الكيميائية على صحته لانتقالها إليه عبر حليب الأم.
- كون الرضيع مولودًا مُبكرًا أو من المبتسرين.
- ولادة التوأم قد تضطر للجوء إلى الرضاعة الصناعية كمُساعد خارجي يُشبع حاجة الأطفال بجانب الرضاعة الطبيعية.
- تعقيدات الأم العاملة وعدم امتلاكها على الدوام فرص تغذية الرضيع طبيعيًا فقط.
تمثل الأسباب السالفة الذكر مربط الفرس في القرار بعدم حرمان الطفل فوائد الرضاعة الطبيعية بشكلٍ كُلي، وبالتالي إدخال الرضاعة الصناعية بجانبها على سبيل الاستزادة وكفاية الرضيع وإشباعه.
قد يهمك أيضًا: الأكل الصحي للأطفال وجدول لأهم الفيتامينات المناسبة لصحتهم
مميزات الجمع بين الرضاعة الطبيعية والرضاعة الصناعية
بشكلٍ أكثر واقعية لا يعدو اللجوء إلى خيار الرضاعة الصناعية بجانب الرضاعة الطبيعية سوى التغلب على الأسباب المذكورة آنفًا إن وجدت، لكن إن لم تُعاني الأم من تلك الدواعي أو من إحداها؛ فإنه من الأولى لصحة الرضيع الإعتماد كليًا على الرضاعة الطبيعية لفوائدة الجمّة على المديين الزمنيين القصير والطويل.
وجدير القول إن الجمع بين أسلوبيّ الرضاعة الطبيعية والرضاعة الصناعية له فائدتين أُخرتين، الأولى هي مد الطفل بكامل احتياجاته الغذائية خصوصًا مع تقدم عمره وزيادة تلك الاحتياجات وبخاصة حال وجود ضعف في الحليب الطبيعي المُفرز من الثديين. أما الثانية فتتمثل في إتاحة الفرصة لآخرين – غير الأم – للقيام بإطعام الطفل حال غياب الأم لسببٍ أو لآخر.
أضرار الجمع بين أسلوبيّ الرضاعة
الوجه السلبي الآخر للجمع بين الرضاعة الطبيعية والرضاعة الصناعية – بعيدًا عن المميزات – يتمثل في تأثير تنفيذ هذا الجمع على ضعف الخلايا اللبنية عند الأم مما يتبعه مزيدًا من قلة إنتاج وإفراز الحليب الطبيعي تبعًا لقلة إرضاع الطفل طبيعيًا مُقارنةً بعدد نوبات الرضاعة عندما يُعتمد على الرضاعة الطبيعية وحدها كسبيل أوحد لتغذية الطفل.
من هنا يتأكد لنا أن خيار الجمع بين الرضاعتين لا يُمكن اعتباره خيارًا مستساغًا دون استشارة طبية واضحة القرار، كما لا يُمكن اللجوء إلى الرضاعة الصناعية بجانب الطبيعية تكاسلًا أو ذاتيًا للاستحسان وفقط.
ويتضح لنا أيضًا ضرورة ضمان التوازن بين الرضاعتين؛ للحيلولة دون جور إحداهما على الأخرى من حيث الحد من تحصيل فوائدها المرجوة، والمقصود طغيان الرضاعة الصناعية – بسلبياتها الغير مُنْكَرة – على الرضاعة الطبيعية بكل ما تحققه من مكاسب صحية وإنمائية للطفل.
قد يهمك أيضًا: فوائد ماء الأرز العظيمة للرضع وتسمين المواليد النحاف
شواهد ملموسة تدفع الأطباء للإقرار بالرضاعة المُختلطة
بعيدًا عن الأسباب المرضية الخاصة بالأم، وعلى اعتبار أن الرضاعة المُختلطة ليست منهجًا عشوائيًا لتغذية الطفل؛ نجد أن الأطباء يوصون بها دون الرضاعة الطبيعية بشكلٍ حصري وفق عوامل طبية خاصة تتمثل في:
- ملاحظة فقدان الرضيع ما يزيد عن 10٪ من وزنه خلال الأيام الأُوَل من حياته.
- ملاحظة فقدان الطفل لوزنه أو اكتسابه مزيدًا من الوزن بوتيرة بطيئة لا تتناسب مع المُعدلات الطبيعية.
- من مناقشته للأم يتأكد من تبديل حفاضات الطفل بمُعدل أقل من 6 حفاضات كل 24 ساعة كاملة.
- التأكد عبر النقاش مع الأم من عدم شعور الطفل بالرضا والشبع على الدوام وخصوصًا عقب نوبات الرضاعة الطبيعية.
قد يهمك أيضًا: أهم الأغذية المُضافة للأطفال الرضع وطرق تحضيرها
ما قبل الجمع بين الرضاعتين
قبل البدء في الرضاعة المُختلطة؛ لا بد من الوقوف على مجموعة من الحقائق الأساسية وأخذها في الحسبان، ومنها:
- البدء في الجمع بين الأسلوبين بعد تمام تعود الطفل على الرضاعة الطبيعية بشكلٍ كامل.
- اللجوء إلى الرضاعة الصناعية بجانب الطبيعية بعد استنفاذ شتى الوسائل لتحفيز جسم الأم على إفراز حليب الثديين بكمياتٍ تكفي لإشباع الطفل، وأيضًا من الأفضل تجربة إرضاع الطفل بالزجاجة المعبأة بحليب الأم الذي تم شفطه سابقًا بماصة شافطة كحل تغذوي أنسب من الحليب الصناعي طالما أنه لا مانع صحي عند الأم من ذلك.
- لا يُمكن اختيار هذه الطريقة في التغذية إلا مع وجود مانع طبي شديد يؤثر على عملية الإرضاع طبيعيًا.
- الخلط بين الرضاعتين بعد تجاوز الطفل عمر الشهرين الكاملين وليس قبله، وحبذا لو أُخر الجمع لما بعد بلوغه الشهر الثالث، ويكمن سر التأخير في الحيلولة دون ميل الطفل إلى الرضاعة الصناعية ونبذه للحليب الطبيعي، وكذلك فيما له علاقة بقلة إفراز الحليب الطبيعي بجسم الأم ما إن بدأت الرضاعة الصناعية في عمر مُبكر للطفل.
- لا يتم رفع عدد مرات الرضاعة الصناعية وتقليل عدد مرات الرضاعة الطبيعية دفعة واحدة، بل لاؤبد من التدرج في الإحلال والتبديل؛ كيلا تُصاب الأم باحتقان أو تسريب حليب الثدي، وذلك للوقاية من الإصابة بالتهابات الضرع. وبالنسبة للحالة الصحية ومُعدلات نمو الطفل؛ لا بد من التيقن بأن تكيف الطفل على الرضاعة المُختلطة سيستغرق لا محالة فترة زمنية قد تتجاوز السبعة أيام اختلافًا بين طفلٍ وآخر، وعليه التدرج هو الأصل في إحلال نوباتٍ من الرضاعة الصناعية محل نوبات الرضاعة الطبيعية.
قد يهمك أيضًا: وجبات الأطفال في عمر 6 أشهر
الآلية المثلى للجمع بين الرضاعتين
ذكرنا أن الأسلوب المزدوج لتغذية الطفل بالاعتماد على الرضاعة الصناعية والرضاعة الطبيعية لا بد وأن يُرْجع فيه للطبيب المُتخصص قبل التنفيذ، أولًا للإقرار بضرورة التنفيذ نظرًا للحالة الصحية للأم، وثانيًا للتعرف على النصائح والإرشادات الهامة؛ لتحقيق الإستفادة القصوى وتفادي الآثار السلبية المُحتملة.
وغالبًا ما يُشدد الأطباء على مجموعة من الإرشادات والنصائح، أهمها:
- تحديد مواقيت ثابتة للرضاعة الصناعية، ومواقيت ثابتة أخرى للرضاعة الطبيعية، لإتاحة الفرة للثديين لإدرار الحليب الطبيعي بإسمرار وانتظام.
- الصبر الكامل على نبذ الرضيع للحليب الصناعي، وعدم دفعه إلى تقبله قهرًا وجبرًا.
- التنبه الكامل لدرجة حرارة الحليب الصناعي قبل تغذية الطفل بأن يكون دافئًا شتاءً فاترًا صيفًا.
- كذلك التنبه لكمية الحليب الصناعي، وحجم حلمة البيبي رونة (زجاجة الإرضاع) ومناسبتها لفم الطفل وكذا نوعها ونظافتها وتعقيمها.
- من الضروري تبديل طريقة الرضاعة بين نوعيّ الإرضاع، كأن يقوم أحد غير الأم بتنفيذ نوبات الرضاعة الصناعية، على أن تقتصر مهمة الأم على تنفيذ الرضاعة الطبيعية، وذلك على سبيل إفهام الطفل الفارق بين الرضاعتين من باب التعود والقبول.
الجمع بين الرضاعة الطبيعة والرضاعة الصناعية جيد ومُستساغ ومُحقق للفوائد المُتحصل عليها من كلتيهما، لكن لا داعي له بأي ذريعة كانت سوى الحاجة الطبية المُلحة، كما أن تنفيذه يحتاج إلى التدرج والتؤدة وهو ما يحتاج إلى مزيدٍ من الجهد والصبر لحين تعود الأم والطفل.
للمزيد: تعرفي على العناصر الغذائية اللازمة لنمو طفلك بالشكل الصحيح