هل تناول مضادات الاكتئاب آمن أثناء الحمل؟ السؤال الذي يتردد كثيرًا على ألسنة الحوامل، الاكتئاب أحد الأمراض النفسية التي تنشأ نتيجة خلل في كيماء المخ، مما يجعل المريض واقعًا تحت تأثير مشاعر سلبية متفاوتة من الألم والقلق والحزن والخوف والشعور باللامبالاة وعدم الرغبة في شيء وعدم الاستمتاع بالأنشطة التي كانت مصدرًا للمتعة وغيرها، ويمتد هذا التأثير لفتراتٍ طويلة قد تصل إلى شهور وسنواتٍ أيضًا.
وهُناك أكثر من نوع للاكتئاب، ومن ثم فهو من الأمراض النفسية الخطيرة التي تُسبب مُضاعفات نفسية وجسدية خطيرة أيضا ما لم يتم السيطرة عليه وعلاجه، وهنا سنتحدث عن أعراض الاكتئاب وأسبابه وعلاجه ومدى تأثير مضادات الاكتئاب على المرأة الحامل.
أسباب الإصابة بالاكتئاب، وهل الحمل سبب منها أم لا؟

تتعدد أسباب الإصابة بالاكتئاب ما بين التغيرات الحياتية والتعرض للمحن القاسية وأسباب مرضية، وأخرى تتعلق بالخلل في بعض الهرمونات، ويُعد الحمل سببًا من أسباب الاكتئاب، حيث أن الإقدام على خطوة الحمل والولادة ومسؤولية الأمومة تسبب الكثير من التوتر والقلق لبعض النساء خاصة اللاتي يتسمن بالحساسية الشديدة.
فضلًا عن ذلك فإن التغيرات الهرمونية التي تطرأ على المرأة أثناء الحمل تجعلها أكثر استعدادًا للاكتئاب، وقد أشارت بعض البحوث أن نسبة إصابة المرأة الحامل بالاكتئاب تتراوح بين 14 و23 %، وتُصبح الاحتمالات أكبر كلما كانت العوامل المؤدية إليها مُتوفرة، مثل وجود تاريخ مرضي للعائلة، أو تاريخ شخصي مع المرض، أو الحمل الغير مُخطط له أو الغير المرغوب فيه، عدم تلقي الدعم النفسي والاهتمام من الشريك؟ ويمكن حصر أسباب الاكتئاب في النقاط التالية:
- الاستعداد الوراثي.
- نمط الشخصية، حيث أن الشخصيات الحساسة والقلقة والعصبية ربما تكون أكثر عُرضة للإصابة بالاكتئاب من الشخصيات الهادئة والمُتزنة.
- التنشئة وطُرق التربية والأحداث المُرتبطة بالطفولة من صدمات أو عُقد أو اضطراباتٍ نفسه.
- النوع، حيث أثبتت الدراسات أن النساء أكثر عُرضة للاكتئاب من الرجال بمقدار الضعف، ومن العوامل التي تسهم في ذلك التغيرات الهرمونية الكثيرة التي تطرأ على المرأة في مراحل حياتها المختلفة.
- التعرض للأزمات النفسية والعاطفية والأحداث القاسية وعدم القدرة على تجاوزها، مثل موت عزيز أو الانفصال أو المرض أو غيره.
- الإصابة بالأمراض المُزمنة والإعاقات طويلة الأمد مثل الإصابة بداء السكري أو أمراض القلب أو أمراض الكبد أو الأورام أو التعرض لحادث ينتج عنه عجز نصفي أو كلي.
- تناول بعض العقاقير الطبية كعلاج بعض الأمراض، ومن الأدوية التي تُسبب الاكتئاب كعرض جانبي مُصاحب لتناولها مضادات الصرع، حبوب منع الحمل، بعض المهدئات وعلاج التهابات المفاصل غيرها الكثير.
قد يهمك أيضًا: الغذاء الصحي هو الطعام المتوازن خاصةً فترة الحمل … أنواع الغذاء الصحي وفوائده للجسم
أعراض الإصابة بالاكتئاب عند الحامل

قبل التحدث عن مضادات الاكتئاب سنُلقي الضوء على أعراض الاكتئاب عند الحامل وتتمثل في:
- الشعور بالإعياء والتعب المُستمر وعدم التحسن حتى بعد أخذ قسطٍ من الراحة.
- الحزن والرغبة في البكاء بلا مُبرر.
- فقدان الشهية أو الرغبة الزائدة في تناول الطعام.
- صعوبة التركيز.
- اضطرابات ملحوظة في النوم تتمثل في النوم لفتراتٍ طويلة جدًا أو الأرق وعدم القدرة على النوم.
- الشعور بالذنب والقلق بشأن المولود.
- تسلط الأفكار السلبية المُخيفة بشأن الولادة والخوف من الموت.
- اللامبالاة وعدم الرغبة في فعل أي شيء.
- الشعور بعدم قيمة الحياة.
- الرغبة في العُزلة والوحدة.
مدى تأثير الاكتئاب على الحمل؟ وهل يجب علاجه أم يُمكن تجاهله؟
لا شك أن الاكتئاب يؤثر سلبًا على الأم أثناء الحمل، فهو يسبب فقدان الشهية واضطرابات النوم، والشعور بالعصبية والحزن وغيرهم من المشاعر السلبية ومن ثم فينتج عن استمرار تلك الأعراض ضعف عام وإصابة بمشاكل سوء التغذية، وتُصبح الأم عُرضة لمشاكل ارتفاع الضغط وتسمم الحمل وغيره من التوابع.
هذا فضلًا عن خطر استمرار الاكتئاب لما بعد الولادة وحدوث مُتلازمته النفسية ومُضاعفاته التي قد تصل إلى إيذاء النفس والتفكير في الانتحار، أما الجنين فبديهيًا سيتأثر سلبًا فقد يُعاني من نقص الوزن أو توابع التعرض للولادة المُبكرة.
قد يهمك أيضًا: متى يُشكل مرض ارتفاع ضغط الدم خطرًا على الحامل وكيف يُمكن علاجه بسرعة؟
هل مضادات الاكتئاب تُعد علاجًا آمنًا لاكتئاب الحمل

من المهم جدًا علاج الاكتئاب حتى لا تنتج عنه أثارًا سلبية على الأم أو الجنين، ومن الجدير بالذكر أن علاج الاكتئاب يتطلب التحرك في أكثر من اتجاه، اتجاه العلاج السلوكي والمعرفي واتجاه العلاج الدوائي.
فينصح عند علاج الحامل التحرك في اتجاه العلاج السلوكي والمعرفي وذلك بمُناقشة المريضة في مشاكلها ومعرفة الأسباب التي نتجت عنها تلك الاضطرابات وارشادها إلى تمارين وأنشطة تُخلصها من الطاقة السلبية واستبدالها بطاقة إيجابية، والعلاج النفسي الذي يساعد المرأة على تجاوز الصراعات والمواقف القاسية.
اما الاتجاه الثاني للعلاج فيشمل ما يعرف بــ “التخليج الكهربائي” أو العلاج بمُساعدة مضادات الاكتئاب ، ويُستخدم العلاج الأول في حالات الاكتئاب الشديد الذي تصحبه أفكار انتحارية مُدمرة، أما مضادات الاكتئاب فتُستخدم في علاج الحالات الأقل حدة والتي لم تتعافي بالعلاج السلوكي والنفسي فقط.
قد يهمك أيضًا: مرض الذئبة الحمراء هل هو خطير مع الحمل .. المخاطر المحتملة ونصائح هامة
مضادات الاكتئاب ومدى أمانها على الحمل

يشمل العلاج الدوائي مجموعة من الأدوية المضادة للاكتئاب منها ما هو آمن على الحمل ومنها ما لم يثبت أمانه بعد، ومن الأدوية التي تصلح للحامل “Selective serotonin reuptake inhibitors” أو “مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية”، بالإضافة إلى “Tricyclic antidepressants” أو مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات، هذا ويستمر العلاج بتلك الأدوية لفترات مُتفاوتة بحسب الحالة تتراوح بين أسبوعين و24 شهرًا حسب تقديرات الطبيب للحالة، ولم يثبت أنها تُمثل ضررًا على الأم أو الجنين.
وختامًا؛ حتى وأن كانت أدوية الاكتئاب لا تؤثر بشكلٍ سلبي على الحمل، فإنها تبقى الخيار الأخير وتتوقف من حيث النوع والجرعة والمدة على رؤية الطبيب وتقديره للحالة، فلا ينبغي بأي حالٍ من الأحوال الاجتهاد في تلك الأمور.