انتشرت في السنوات الأخيرة ظاهرة اجهاض الجنين سواءً بشكلٍ تلقائي أو بتدخلاتٍ طبية تفتضيها حالة الأم الصحية، والمتابع لأحدث الإحصائيات قد يُفزعه هول الأرقام والمُعدلات.
لذلك يُعد اجهاض الجنين من أشد الموضوعات حاجة للتوضيح والشرح؛ في محاولة لرفع الوعي الصحي عند الحوامل على سبيل التماس طُرق الوقاية والحد منه.
معنى مصطلح إجهاض
انتهت مُنظمة الصحية العالمية إلى تعميم تعريف أوحد جامع لمفهوم اجهاض الجنين، حيث قالت إنه فقدان الجنين وخروجه من الرحم دون تدخل أو بتدخل قبل بلوغه الأسبوع الرابع والعشرين من العمر لظروفٍ خاصة اقتضت حدوث ذلك.
أسباب اجهاض الجنين
كل حامل تعرضت لإجهاض الجنين تلقائيًا أو وفق نصيحة طبية من مُتخصص؛ لا بد وأنها وصلت لهذه المرحلة لسببٍ أو أكثر مما يلي:
- إصابة الحامل بأمراضٍ حادة أو مُزمنة، مثل ارتفاع مُعدلات السكر في الدم وفقدان السيطرة عليه، ارتفاع ضغط الدم، العدوى، خللٍ حاد في مُعدلات الهرمونات، أمراض الرحم وعنق الرحم وأبرزها الأورام الليفية والسرطانية وتشوه الحاجز الرحمي، مرض الغدة الدرقية، الأمراض المناعية مثل الذئبة الحمراء والإيدز.
- تدخين الحامل سلبيًا وإيجابيًا لمُنتجات التبغ.
- تعاطي المخدرات.
- إدمان المشروبات الكحولية.
- تناول الأدوية وخاصةً أدوية مُسكنات الألم بشكلٍ عشوائي دون الرجوع إلى الطبيب.
- وقوع خللٍ ذاتي في جينات الطفل، علمًا بأنه السبب الرئيسي في 50% من حالات اجهاض الجنين حول العالم، نظرًا لأثر هذا الخلل على طبيعة نمو الجنين داخل الرحم، وهو ما يؤدي بدوره إلى إتلاف البويضة المُخصبة وعدم تكوّن الجنين من الأصل، أو تكونه ثم موته داخل الرحم لفقدانه القدرة على إكمال مراحل التطور، أو تحول الحمل إلى ما يُعرف بالحمل العنقودي الذي تنمو المشيمة فيه بشكلٍ غير طبيعي مما يؤثر على تغذية الجنين.
- ضعف عنق الرحم مما يؤدي إلى بقاءه مفتوحًا على الدوام.
- الإصابة بالسالمونيلا أو الحصبة أو الحصبة الألمانية أو الجُدري المائي أو الزُهري.
- الإصابة بسوء التغذية الحاد.
- حدوث انخفاض شديد في مُعدلات هرمون البروجسترون بجسم الأم.
- تلوث جسم الحامل بالإشعاعات أو بالمواد الكيميائية مثل المبيدات الحشرية.
- تجاوز عمر الحامل سن 35 عامًا، فكلما زاد العمر كلما زادت فرص اجهاض الجنين .
- التعرض للعنف أو الارتطام الشديد خصوصًا في منطقتي الظهر والبطن.
- بذل مجهود بدني شاق أو حمل أوزانٍ ثقيلة، خصوصًا في الشهور الثلاثة الأولى من الحمل.
أعراض تُنذر بإجهاض الجنين
يُصاحب اضطراب الحمل واحتمالية اجهاض الجنين مجموعة من الأعراض المُنذرة، ومنها:
- حدوث نزيف مهبلي ينزل معه الدم بغزارة وبلونٍ أحمر فاتح، وقد يأخذ قوام الدم الطابع النسيجي الليفي لخروج أنسجة من الجنين مع الدم.
- تنامي حدة ووتيرة التقلصات في منطقة البطن والظهر بصورةٍ سريعة وغير طبيعية.
- الشعور بألمٍ شديد في منطقة أسفل البطن وتحديدًا من تحت السُرة إلى منطقة الحوض.
- اختفاء مُفاجئ لأشهر أعراض الحمل، مثل الغثيان عقب الاستيقاظ من النوم، انتفاخ الثديين، التعب والوهن العام، تكرار الحاجة إلى التبول.
- نزول إفرازاتٍ مُخاطية ذات لونٍ أبيض أو لونٍ وردي من المهبل.
- نزول إفرازاتٍ كريهة الرائحة مُختلطة بالدم.
- فقدان الشعور بتحرك الجنين في الرحم.
- ارتفاع درجة حرارة الجسم.
- الدخول في نوباتٍ من صعوبة التنفس.
قد يهمك أيضًا: هل تنميل اليد اليمنى أثناء الحمل أمر طبيعي
الكيفية المُثلى لتفادي اجهاض الجنين
في البداية يجب التأكيد على أن جسم الحامل إذا قرر التخلص من الجنين؛ فسيحدث ذلك لا محالة مهما بُذل من مجهود، ولكن هذا لا يُعني أن بدء ظهور الأعراض يُعني النهاية وحتمية اجهاض الجنين ، ففي بعض الأحيان قد تحقق الاجراءات الطبية استقرارًا للحمل والحيلولة دون اجهاض الجنين .
والأولى من هذا كله ينبغي على الأم تجنب أسباب الاجهاض التي يُمكن تجنبها، والتشبث بطُرق الوقاية، والعمل بالنصائح الآتية:
- التحضير المُسبق للحمل والإنجاب بمُساعدة الطبيب المُتخصص.
- المُتابعة الدورية مع الطبيب المُتخصص مُنذ اللحظة الأولى لحدوث الحمل.
- التخلي الكامل عن العوامل التي تزيد من فرص اجهاض الجنين مثل التدخين والمخدرات والكحوليات وتناول الأدوية، وكذلك تجنب عوامل التلوث.
- التركيز على نظام غذائي مُتكامل وصحي، وترك كل ما هو ضار على الصحة أو مُسببًا للسمنة المُفرطة والأمراض أو غني بالدهون أو الكافيين أو السكر الأبيض أو الملح.
- التركيز على الخضروات والفواكه الطازجة لغناها بالألياف والفيتامينات الأساسية لصحة الحمل والحامل.
- الراحة التامة في الثلاثة شهور الأولى للحمل وتجنب حمل الأوزان الثقيلة والإرتطامات الجسدية والرياضات العنيفة.
قد يهمك أيضًا: الحمل في الأربعينات من عمر المرأة هل هو ممكن؟ وما هي مخاطره؟
آليات التشخيص الطبي للإجهاض
فور ظهور الأعراض المذكورة آنفًا يلجأ الطبيب إلى فحص الحامل لبيان مدى حدوث اجهاض الجنين وخروجه من الرحم، أو موته بداخل الرحم مع بقائه، أو وجود فترة زمنية تتيح السيطرة على الوضع وإبقاء الحمل أو التدخل وإحداث اجهاض الجنين بإجراءاتٍ طبية، ومن بين أبرز الفحوصات المبينة لكل ذلك:
- الفحص السريري.
- فحص مُعدل اتساع عنق الرحم.
- تصوير السونار للكشف عن نبض الجنين إذا ظل حيًا.
- فحص الدم لبيان مُعدلات الهرمونات مثل هرمون الحمل وهرمونات الغدد التناسلية بالمشيمة وكذلك فحص الإصابة بفقر الدم عند النزيف الشديد.
- فحص عينات من نسيج الرحم.
قد يهمك أيضًا: متى يُشكل مرض ارتفاع ضغط الدم خطرًا على الحامل وكيف يُمكن علاجه بسرعة؟
أنواع الإجهاض
تتعدد انواع اجهاض الجنين إلى أنواع عديدة، أبرزها:
الاجهاض المنذر
ويُعرف أيضًا بالحمل المُهدد بالإجهاض، حيث تُعاني الحامل من النزيف، ولكنه بأي حالٍ نزيف خفيف ومُتقطع ولا يصاحبه آلام مُبرح في البطن أو الظهر، كما تظهر الفحوصات عدم انفتاح عنق الرحم، ويُعد أسهل الأنواع، وفرصة الاحتفاظ بالجنين مُرتفعة جدًا، حيث يطلب الطبيب من الأم الراحة الجسدية والنفسية التامة، عدم ممارسة الجماع، المُتابعة الدورية معه، الدقة والالتزام في تناول جرعات الأدوية الموصوفة.
الإجهاض المحتوم
حيث يُغزر النزيف ويُصاحبه الشعور بآلامٍ شديدة في منطقتي أسفل البطن وأسفل الظهر، كما تُظهر الفحوصات انفتاح عنق الرحم، وكلها مؤشرات على إمكانية حدوث اجهاض الجنين في أي لحظة، لذلك تُنقل الحامل إلى المستشفى للمُتابعة، ثم إتمام عملية كشط وتفريع الرحم من أي أنسجة مُتراكمةٍ فيه.
الإجهاض الناقص
حيث يقذف الرحم بشكلٍ مفاجئ جزءً من محتوياته، مما يُسبب حدوث نزيفٍ حاد من المهبل، وبالتالي تحتاج الأم إلى سرعة التدخل الطبي لإفراغ الرحم من الأجزاء المُتبقية من الحمل، لأنها الطريقة الوحيدة للسيطرة على النزيف والوقاية من التهابات بطانة الرحم.
الإجهاض الكامل
حيث يقذف الرحم كل محتوياته بشكلٍ مفاجئ ودفعة واحدة، وهو نوع اجهاض الجنين الذي لا ينفع معه أي تدخلاتٍ طبية ولا يُمكن وقف حدوثه، وكل ما يسعى الطبيب إليه هو التأكد من عدم وجود بقايا داخل تجويف الرحم للوقاية من التهابات بطانة الرحم تتسبب في الإصابة بالعقم.
الإجهاض المتروك
وفيه يتوفى الجنين داخل الرحم ويبقى على هذا الحال لأسبوعين أو ثلاثة، ثم تبدأ أعراض النزف الخفيف وعدم تضخم الثديين في الظهور، ليتم اكتشافه عبر فحوصات البول التي ستدل على اختفاء هرمون الحمل من الدم.
ولا يُعني بقاء الجنين ميتًا لأسبوعين أو ثلاثة داخل الرحم احتمالية تعفنه والتأثير على الأم، ذلك لأن الأجنة عادةً ما تُغلف بغلافٍ طبيعي يمنع دخول أو خروج الميكروبات، وما إن يتم فتح عنق الرحم وتحريض الرحم على التقلصات فستتفرغ كافة المُحتويات.
قد يهمك أيضًا: مرض الذئبة الحمراء هل هو خطير مع الحمل .. المخاطر المحتملة ونصائح هامة
ما تحتاجه الحامل بعد الإجهاض
غالبًا ما يستغرق التعافي من اجهاض الجنين مدة تتراوح بين عدة ساعاتٍ إلى ثلاثة أيام، ولكن إذا استمر النزيف الشديد أو استمرت الحمى فلا بد من مُراجعة الطبيب فورًا.
وتحتاج الحامل بعد اجهاض الجنين إلى الدعم النفسي الكامل من المُحيطين بها لسيطرة الشعور بالذنب عليها، وكذلك تحتاج إلى التروي وعدم استعجال الحمل مرة أخرى، علمًا بأن عملية التبويض ستُعيد كرتها وستحدث طبيعيًا في غضون دورة شهرية لا أكثر لعدم وجود تأثيرات للإجهاض على الخصوبة.
كما تحتاج إلى التغذية السليمة والراحة البدنية التامة مدة أسبوعين على الأقل، وهما الأسبوعين اللذين تُمنع فيهما المرأة من الاتصال الجنسي نهائيًا.
حافظي على حملك بزيادة وعيك عن الإجهاض وأسبابه لتتجنبيها، ولا تنساقي وراء المفاهيم المغلوطة والممارسات الخاطئة، واجعلي من عادتك المُتابعة الدورية مع الطبيب.
للمزيد: ما هي اعراض الحمل المُبكرة؟ علامات إن ظهرت تأكدي أنك حامل