الاضطرابات الهضمية في فترة الحمل

تعد الاضرابات الهضمية أو أمراض الجهاز الهضمي أثناء فترة الحمل من المشاكل الشائعة لدى النساء الحوامل، والتي يمكن أن تشمل الغثيان والقيء وحرقة المعدة وحصى المرارة والإسهال والإمساك.

الاضطرابات الهضمية في فترة الحمل

إن إصابة المرأة الحامل بأحد أمراض الجهاز الهضمي من بين الأعراض والمشاكل التي تعاني منها معظم النساء الحوامل أثناء فترة الحمل، وفي بعض الأحيان يمكن أن تكون أعراضًا مزعجة، ومؤلمة، وتظهر على بعض الحوامل أعراض معدية معوية مزمنة تتطلب رعاية واهتمامًا خاصين أثناء الحمل.

تعتقد الكثير من النساء أن المشاكل المتعلقة بالاضطرابات الهضمية في فترة الحمل هي فقط الغثيان أو الإسهال في الأشهر الأولى من الحمل، ولكن مع بداية الحمل تظهر العديد من الأعراض الطبيعية وغير الطبيعية التي تزعج الأمهات خلال أشهر فترة الحمل، سنستعرض معًا أهم هذه الاضطرابات الهضمية التي يمكن أن تصيب الحامل والتي تعتبر الأكثر شيوعًا:

الاستفراغ والغثيان

الغثيان بدون قيء شائع في بداية الحمل ويحدث بنسبة تتراوح بين (50 إلى 90%) للنساء الحوامل، بينما يحدث الغثيان المصاحب مع القيء بنسبة (25 إلى 55%) لبعض النساء الحوامل.

تشمل العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بالغثيان أثناء الحمل: عمر الحامل (الصغيرة بالسن) والسمنة، والحمل الأول، وإدمان الحامل على التدخين.

كما يمكن أن يحدث الغثيان والاستفراغ أيضًا في حالات الحمل اللاحقة، ولكن من المحتمل أن تكون مدته أقصر.

حالات الغثيان والاستفراغ:

يحدث الغثيان أثناء الحمل في الثلث الأول من الحمل (الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل) لدى 91٪ من النساء، ويستمر بشكل عام في الأسبوع السادس إلى الثامن.

في الحالات الخفيفة:

يُعرف الغثيان باسم غثيان الصباح وهذا مازال قيد البحث والمناقشة للتوصل إلى معرفة الفسيولوجيا المرضية لهذه الحالة، وقد ربطت الكثير من الدراسات بين غثيان الصباح وبين التقلبات الهرمونية والاضطرابات الحركية في الجهاز الهضمي والعوامل النفسية في هذا الصدد.

وعادة ما تختفي أعراض الغثيان والقيء الشديد بحلول الأسبوع الثامن عشر إلى الأسبوع العشرين من الحمل.

أما استمرار الغثيان والقيء في الثلث الثاني والثالث من فترة الحمل فإن له أسباب أخرى.

كما يمكن اعتبار العدوى أثناء فترة الحمل من بين الأسباب الأخرى للغثيان أثناء الحمل.

في الحالات الشديدة:

هناك نوع من الغثيان والقيء الشديد أثناء الحمل، والذي ينتشر بشكل قليل، ويتميز بغثيان وقيء لا يمكن الوقاية منه، حيث يحدث في وقت مبكر من الحمل ويستمر بشكل يفقد الجسم الكثير من السوائل. هذه الحالة شديدة جدًا ولا تُفهم أعراضها جيدًا. لأن التغيرات الهرمونية وبعض العوامل النفسية تلعب دورًا في ذلك، إضافة إلى السمنة التي هي أحد العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بهذه الحالات.

وإن استمرار الغثيان والقيء في الثلث الثاني والثالث من فترة الحمل له أسباب أخرى، كما أنه بعد الاسبوع الـ 16 من الحمل، لا يكون القيء عادةً مرتبطًا بالحمل وقد يكون بسبب خلل أو عدوى. حيث يمكن في حالات نادرة أن يكون سبب القيء هو مخاوف طبية أكثر خطورة (مثل التهاب المعدة أو التهاب الكبد أو التهاب البنكرياس أو القرحة، أو التهاب الزائدة الدودية وقصور الغدة الكظرية وزيادة الضغط داخل الرحم)، إذا كنت تعانين من الغثيان أو القيء بعد الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، فلا تفترضي أنه مرتبط بالحمل، ولا تدعي طبيبك يفترض ذلك أيضًا دون التحقق من الأسباب الكامنة.

علاج الغثيان والاستفراغ:

تشير شدة الأعراض إلى أسلوب العلاج حيث:

تتحسن الأعراض الخفيفة مع التغييرات الغذائية، مثل تقليل تناول الدهون، وزيادة عدد الوجبات، وتناول كميات أقل من الطعام لكل وجبة.

إذا كانت لديك أعراض شديدة يمكن للطبيب أن يوصي بدواء لتقليل الجفاف وعدم الراحة. كما يمكن أن يكون العلاج بالعقاقير بفئة من الأدوية تسمى مضادات القيء أمرًا ضروريًا تحت إشراف الطبيب المتخصص.

إن تشخيص الغثيان والقيء مفيد للأم والجنين. والنساء اللواتي يعانين من غثيان خفيف وقيء سيحصلن على نتائج أفضل عند التشخيص الصحيح مقارنة بالنساء اللواتي لا يعانين من هذه الأعراض.

كما يعتمد العلاج في حالات الأعراض الشديدة على تعويض السوائل والشوارد والفيتامينات والمعادن المفقودة.

الارتجاع (الحموضة المعوية)

الارتجاع أو (الارتداد)، المعروف أيضًا باسم الحموضة المعوية، هو من الاضطرابات الهضمية الشائعة في الحمل وما يقارب (45 إلى80٪) من النساء الحوامل يعانين من هذه الحالة، حيث تعاني 52٪ من النساء من الارتجاع في الأشهر الثلاثة الأولى، كما أن معدل انتشاره في الثلث الثاني والثالث من الحمل هو (24 إلى 40%).

يحدث الارتجاع ويسبب الحموضة المعوية نتيجة عوامل متعددة مثل الحركة غير الطبيعية للمريء، وانخفاض ضغط العضلة العاصرة للمريء، كما أن الزيادة في الضغط داخل البطن الناجم عن نمو الرحم له دور أيضًا في هذا.

والأعراض التي تشعر بها الحامل نتيجة هذا الاضطراب هو نفس الأعرض التي يشعر بها أي شخص مصاب بالارتجاع.

علاج الارتجاع عند الحامل:

إجراء تغييرات في نمط الحياة هو خط العلاج الأول، حيث يُنصح النساء الحوامل بوضع الرأس على وسادة أعلى قليلاً من الجسم أثناء النوم، وزيادة عدد الوجبات، وتقليل كمية الطعام المستهلكة في كل وجبة، وتجنب الانحناء وتجنب الأكل قبل الذهاب للنوم.

كما يمكن للطبيب المشرف أن يصف للحامل مضادات الحموضة، فهو آمن تمامًا، ولكن يجب الانتباه إلى أن مضادات الحموضة قد تتداخل مع امتصاص الحديد.

كما أن الارتجاع لا يعتبر خطيرًا على الحمل، ولكن هناك احتمال تكراره في حالات الحمل اللاحقة.

حصى في المرارة

يرتبط الحمل بزيادة فرصة الإصابة بحصوات المرارة لأن التهاب البنكرياس شائع أثناء الحمل. وتعتبر جراحة استئصال المرارة هي ثاني أكثر العمليات الجراحية شيوعًا أثناء فترة الحمل.

إن الآلية الدقيقة لتكوين حصوات المرارة أثناء فترة الحمل غير معروفة، ولكن ما يقارب (31٪) من النساء ينتجن سائلًا سميكًا في الصفراء مع رواسب صغيرة، وحوالي (2٪) من النساء يُصبن أيضًا بحصوات المرارة.

يكون خطر الإصابة بحصوات المرارة مرتفعًا في الثلث الثاني والثالث من الحمل وفترة ما بعد الولادة حيث يمكن أن يسبب في الولادة المبكرة.

ومن أبرز أعراض إصابة الحامل بحصوات المرارة الشعور بالألم في الجانب الأيمن العلوي ويترافق مع الحمى والقيء واليرقان،

علاج حصوات المرارة أثناء الحمل:

 يعتبر الترطيب، واستخدام المسكنات والمضادات الحيوية، وإجراء بعض التعديلات على النظام الغذائي في الحالات الشديدة من أهم طرق العلاج.

كما يوصى باستئصال المرارة في حالة استمرار وتكرار الأعراض، واضطراب التغذية، وفقدان الوزن، على أن أفضل وقت لهذه الجراحة هو الثلث الثاني من الحمل.

قرحة المعدة

قرحة المعدة ليست شائعة جدًا أثناء فترة الحمل. حيث يُعتقد أن قرحة المعدة يمكن أن تتحسن أثناء الحمل بسبب انخفاض إفراز حمض المعدة.

ولعل من أبرز أسباب إصابة الحامل بقرحة المعدة يشتمل على التدخين، وتعاطي الكحول، والتوتر، والحالة الاجتماعية والاقتصادية، والتاريخ السابق لقرحة المعدة.

تتشابه أعراض قرحة المعدة أثناء فترة الحمل مع الإصابة بها في فترة أخرى، فهي تشمل آلام المعدة، وعسر الهضم، والغثيان والقيء، والحموضة المعوية، كما يعد النزف المعدي المعوي والانثقاب من الآثار الجانبية النادرة لقرحة المعدة أثناء الحمل.

قرحة المعدة في فترة الحمل ليست من الاضطرابات الخطيرة، ولا تسبب قرحة المعدة أي معدل وفيات للجنين أو الأم.

العلاج:

العقاقير غير الستيرويدية ليست عامل خطر شائع للقرحة الهضمية أثناء فترة الحمل، لكن يجب أن تكون تحت إشراف طبي خاصة أن بعض الأدوية المستخدمة في العلاج ممنوعة أثناء الحمل.

الإسهال

يحدث الإسهال عند (34٪) ​​من النساء الحوامل وهو مشابه لغير الحوامل.

ومن أهم الأسباب لحدوث الإسهال عند الحامل حيث تعد العوامل المعدية مثل السالمونيلا من أكثر أسباب الإسهال شيوعًا، كما يساهم استخدام الأطعمة والأدوية الملوثة، ووجود متلازمة القولون العصبي في التسبب في الإسهال. إضافة للإصابة بالعدوى من البكتيريا والطفيليات.

علاج الإسهال عند الحامل:

يركز علاج الإسهال أثناء فترة الحمل بشكل أساسي على تعويض السوائل المفقودة، ويجب استخدام أدوية للسيطرة على الإسهال تحت إشراف الطبيب المتخصص، مع معالجة الأسباب الكامنة وراء الإسهال.

يمكن للحامل التي نعاني من متلازمة القولون العصبي وأصيبت بالإسهال استخدام الأطعمة الغنية بالألياف، كما يوصى باستخدام المركبات التي يمكن أن تملأ الحجم المعوي، مثل سيلليوم.

لا ينصح باستخدام مضادات الاكتئاب ومضادات الكولين أو مضادات التشنج أثناء فترة الحمل.

الإمساك

يقدر معدل الإصابة بالإمساك أثناء فترة الحمل بين (11 و 38٪)، كما تعتبر من أكثر العوامل التي يمكن أن تسبب الإمساك في فترة الحمل قلة حركة الأمعاء الدقيقة، وانخفاض كمية هرمون يسمى موتيلين (وهو من هرمونات الأمعاء الدقيقة له وظيفة في تحفيز حركة المعدة، إضافة لتحسين عملية الهضم)، وانخفاض حركة القولون، وزيادة امتصاص الماء ومكملات الحديد.

لا يتطلب الإمساك تقييمًا سريريًا مكثفًا. فقد يحتاج إلى الانتباه أثناء فحص الحامل إلى تاريخ المريضة، ووجود إمساك سابق، مع التأكد من عادات الأكل، واستخدام المسهلات، وهذا لاستبعاد احتمال وجود آفات برازية، ولاستبعاد أسباب أخرى تسبب الإمساك مثل (قصور الغدة الدرقية، والسكري، ونقص بوتاسيوم الدم، وفرط كالسيوم الدم (زيادة الكالسيوم).

ويعد فحص الدم خيارًا جيدًا. وإذا كان هناك نزيف في فتحة الشرج، فسيتم إجراء التنظير الداخلي أو التنظير السيني المرن.

العلاج:

يتم علاج الإمساك أثناء فترة الحمل عن طريق إجراء تغييرات في النظام الغذائي، وزيادة النشاط البدني الرياضي، كتمارين كيجل التي تعتبر فعالة في هذه الحالة.

أما استخدام الأدوية فيجب أن يتم تحت إشراف الطبيب المتخصص للتأكد من فعالية وسلامة هذه الأدوية أثناء الحمل.

وقد يكون استخدام الملينات خيارًا جيدًا للاستخدام المؤقت فقط، لكن لا ينبغي استخدامها بانتظام.

يجب عدم استخدام زيت الخروع والزيوت المعدنية أثناء الحمل لهذه الحالة.

البواسير

البواسير هي أوردة منتفخة في فتحة الشرج والمستقيم السفلي، ويمكن أن تصاب الحامل بها أثناء الحمل من زيادة الضغط على تلك المناطق. إضافة إلى أن الإجهاد عند التبرز (مثل عندما تكون الحامل مصابة بالإمساك) يمكن أن يزيد الضغط أكثر، ويمكن أن تسبب نزيفًا عند التبرز وتورم الشرج والحكة والتهيج والألم.

يمكن تجربة عمل مغاطس لهذه المنطقة بالماء الدافئ مع بعض الأعشاب التي تساعد على الراحة، أو استخدام كريمات البواسير بدون وصفة طبية، إضافة لضرورة التحدث إلى الطبيب المشرف قبل استخدام أي دواء للتأكد من أن الدواء آمن أثناء الحمل.

ونظرًا لأن الإمساك يمكن أن يساهم بشكل كبير في حدوث البواسير، فإن تناول المزيد من الألياف الغذائية في نظام الحامل الغذائي، وشرب الكثير من السوائل قد يساعد أيضًا على الشعور بالراحة.

أخيرًا …

فيما لو أصيبت الحامل بأي عرض من أعراض الاضطرابات الهضمية أثناء فترة الحمل فنحن نؤكد على ضرورة زيارة أخصائي أمراض الجهاز الهضمي.

كما أنه خلال فترة الحمل، يجب زيادة تناول السوائل، وإضافة الألياف الغذائية إلى النظام الغذائي المتبع، مع تجنب الإجهاد عند التبرز، فهذا يساعد بشكل قوي في تخفيف أعراض الاضطرابات الهضمية المحتملة.

المصدر:

عن الكاتب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *