تشير كلمة ارتفاع ضغط الدم عند الكثير من الأشخاص إلى التوتر المفرط أو الشدة النفسية، ومن الناحية الطبية يشير مصطلح ارتفاع ضغط الدم إلى ارتفاعه المستمر بغض النظر عن السبب، ونتيجة لعدم تسببه بظهور أية أعراض لسنوات عديدة، فقد أطلق على هذا المرض اسم القاتل الصامت.
يعتبر ارتفاع ضغط الدم من الأمراض المزمنة التي تصيب عدد كبير من الأشخاص، ويتمثل بزيادة قيمة ضغط الدم عن الحد الطبيعي، علمًا بأن ضغط الدم يمثل قوة دفع الدم على جدران الأوعية الدموية، ويعد مرضى القلب، وكبار السن، والحوامل هم الفئة الأكثر عرضة للإصابة بارتفاع ضغط الدم، وموضوعنا الذي سنتناوله في هذا المقال هو ارتفاع ضغط الدم عند الحامل، ما أسبابه؟ وهل يشكل خطورة على الجنين؟ وكيف يمكن علاجه؟
ارتفاع ضغط الدم عند الحامل
ارتفاع ضغط الدم هو الحالة التي يكون فيها ضغط الدم مرتفعًا جدًا في الأوعية الدموية التي تنقل الدم من القلب إلى أنحاء الجسم، حيث يؤدي الارتفاع الكبير في ضغط الدم إلى إجهاد القلب، وإلحاق الضرر بالأوعية الدموية، والأعضاء الأخرى من الجسم، أما بالنسبة للحامل فعادةً ما يكون ضغط الدم لديها أقل خلال فترة الحمل، لذلك قد يشير ارتفاع ضغط الدم عند الحامل على وجود مشاكل لديها.
حيث يتمثل ارتفاع ضغط الدم عند الحامل بوجود فائض من البروتين في البول بعد الأسبوع العشرين من الحمل، وارتفاع في ضغط الدم عن الحد الطبيعي، وقد يكون هذا الارتفاع نتيجة أسباب عديدة، ولكن إذا لم تتم معالجته فقد يؤدي إلى العديد من المضاعفات، بل وقد يسبب الموت لدى الأم والجنين.
أنواع ارتفاع ضغط الدم عند الحامل
ارتفاع ضغط الدم المزمن
وتظهر هذه الحالة عند النساء اللواتي تعانين من ارتفاع ضغط الدم قبل الحمل، وتكون هذه الفئة من الحوامل أكثر عرضة للإصابة بتسمم الحمل.
ارتفاع ضغط الدم الحملي
عادةً هذا النوع من ارتفاع ضغط الدم لا يصاحبه أية أعراض، ويختفي بعد الولادة، ويحدث تحديدًا بعد الأسبوع العشرين من الحمل، إلا أنه قد يتسبب ببعض الأمور، منها:
- انخفاض وزن الرضيع عند الولادة.
- الولادة المبكرة.
- زيادة نسبة خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم مستقبلًا.
ارتفاع ضغط الدم الناتج عن الإصابة بتسمم الحمل
يتسبب تسمم الحمل بارتفاع مفاجئ في ضغط الدم، وتظهر هذه الحالة عادةً في الشهر الأخير من الحمل، وقد يتسبب أيضًا بتلف الكلى والكبد وأعضاء أخرى من الجسم، كما يمكن أن يعرض حياة الأم وجنينها للخطر.
أعراض ارتفاع ضغط الدم عند الحامل
تختلف أعراض ارتفاع ضغط الدم عند الحامل باختلاف نوعه، فكما ذكرنا سابقًا فإن ارتفاع ضغط الدم الحملي لا يرافقه أية أعراض، أما بالنسبة لارتفاع ضغط الدم المزمن ينجم عنه الأعراض التالية:
أعراض ارتفاع ضغط الدم المزمن
- الشعور بصداع في الجزء الخلفي من الرأس.
- تشوش الرؤيا.
- ارتفاع ضغط الدم.
- الحساسية تجاه الضوء.
- ألم شديد في البطن.
- تورم الأطراف.
أعراض ارتفاع ضغط الدم الناجم عن تسمم الحمل
- ألم في الجزء العلوي من البطن، وغالبًا يكون في الجزء الأيمن.
- زيادة نسبة البروتينات في البول.
- زيادة كبيرة ومفاجئة في الوزن.
- صعوبة في التنفس، نتيجة لوجود سائل في الرئتين.
- الصداع الشديد.
- انخفاض عدد الصفيحات الدموية.
- تشوش الرؤية.
- اضطراب وظائف الكبد.
- كثرة التبول.
- انتفاخ الوجه.
- انتفاخ وتورم الأطراف بسبب تجمع السوائل.
- الغثيان والتقيؤ في الأشهر الثلاث الأخيرة من الحمل، فعادةً هذا العرض يكون طبيعي في بداية الحمل فقط.
وتمثل هذه الأعراض خطرًا كبيرًا على كل من الأم وطفلها، ولهذا السبب فإن مراقبة ضغط الدم خلال فترة الحمل أمر مهم للغاية، ففي حال كانت الحمل تعاني من الأعراض السابقة، فيجدر بها استشارة الطبيب المختص على الفور، وإجراء سلسلة من الاختبارات لتحديد ما إذا كنت تعانين من تسمم الحمل أم لا.
وفي حال تم تأكيد الإصابة بتسمم الحمل، فعندئذٍ يوصي الطبيب المعالج بإجراء بعض الفحوصات الإضافية، مثل:
- فحص الضغط الجنيني، وهو فحص بسيط يتم من خلاله مراقبة حركات الجنين لفترة زمنية معينة، ومتابعة مدى ارتفاع نبضات قلبه نتيجة لحركاته.
- فحص الكبد والكلى.
- فحص السائل السلوي في الرحم.
- فحص عدد الصفيحات الدموية.
أسباب ارتفاع ضغط الدم عند الحامل
- اتباع أنظمة غذائية غير صحية، تفتقر للعناصر الغذائية الضرورية للحامل ولجنينها خلال فترة الحمل.
- مشاكل في الجهاز المناعي.
- عدم تدفق كمية كافية من الدم إلى الرحم.
- أضرار في الأوعية الدموية.
- الإصابة بارتفاع ضغط الدم قبل الحمل، أو مع حمل سابق.
- التدخين أو شرب الكحول.
عوامل خطر ارتفاع ضغط الدم عند الحامل
- الحمل بتوأم.
- السمنة.
- وجود تاريخ عائلي للإصابة بارتفاع ضغط الدم.
- الإصابة بسكري الحمل.
- الحمل للمرة الأولى، حيث يمثل الحمل الأول أعلى درجة من الخطر للإصابة بتسمم الحمل.
- النساء اللواتي تجاوزن سن 35 عام يكونون أكثر عرضة للإصابة بارتفاع ضغط الدم خلال الحمل.
- النساء اللواتي يعانين من الأمراض المزمنة، مثل: السكري، أو ارتفاع ضغط الدم المزمن، أو مرض الذئبة الحمراء.
مخاطر ارتفاع ضغط الدم عند الحامل
- حدوث انفصال مبكر للمشيمة، ففي هذه الحالة تنفصل المشيمة عند الجدار الداخلي للرحم قبل حدوث الولادة، الأمر الذي قد يتسبب بحدوث نزيفًا جادًا يشكل تهديدًا لحياة الأم وجنينها.
- بطء نمو الجنين داخل الرحم، فيولد بوزن منخفض جدًا، ويكون ذلك نتيجة انخفاض تدفق الدم إلى المشيمة، وبالتالي وصول كمية أقل من الأكسجين والمواد المغذية إلى الجنين، الأمر الذي يتسبب بانخفاض وزن الجنين عند الولادة، أو حدوث الولادة المبكرة.
- ارتفاع خطر إصابة الحامل مستقبلًا بمرض القلب الوعائي، خاصةً إذا تعرضت للإصابة بمقدمات الارتعاج خلال الحمل أكثر من مرة.
- الإصابة بمتلازمة انحلال الدم.
- الولادة المبكرة، ففي بعض الأحيان قد يلجأ الطبيب إلى إجراء ولادة مبكرة، وذلك تجنبًا لحدوث المضاعفات، التي قد تهدد حياة الأم وجنينها.
تشخيص ارتفاع ضغط الدم عند الحامل
يتم تشخيص ارتفاع ضغط الدم عند الحامل من خلال أخذ التاريخ الطبي لها، ثم الكشف السريري، وذلك للبحث عن ما إذا كان لديها انتفاخات في الوجه والأطراف، أو تعاني من تضخم في الكبد، وأو وجود ألم في الجزء العلوي من البطن، كما يتم قياس ضغط الدم، فإذا كان مرتفع، يطلب الطبيب إجراء فحوصات وتحاليل دم إضافية، نذكر منها مايلي:
- اختبارات تعدد الدم الشامل.
- اختبارات تخثر الدم.
- تحاليل البول، للتحقق من وجود البروتين فيه، حيث تعد هذه علامة على أن الكلى لا تعمل بشكل جيد.
- اختبارات وظائف الكلى والكبد.
- فحص الموجات فوق الصوتية، لتقييم حجم الجنين.
علاج ارتفاع ضغط الدم عند الحامل
يعتمد علاج ارتفاع ضغط الدم عند الحامل على حالتها وتاريخها الطبي، بالإضافة إلى الوضع العام لها خلال الحمل، فبناءًا على ذلك سيحدد الطبيب ما يجب القيام به وفقًا لتقييمه للحالة، وتعد الراحة في الفراش سواء في المنزل أو في المستشفى، هي أولى خطوات العلاج.
وبشكل عام يوجد العديد من الأدوية المستخدمة في علاج ارتفاع ضغط الدم عند الحامل بأمان، وتشتمل على:
- حاصرات قنوات الكالسيوم، مثل: نيفيديبين، ويستخدم هذا النوع من الأدوية في علاج ارتفاع ضغط الدم المزمن عند الحامل والمقاوم للأدوية الأخرى، وثد ثبت أن النيفيديبين يحسن من الأداء الوظيفي للكلى دون التأثير على تدفق الدم في الشريان السري.
- حاصرات بيتا، مثل: لابيتالول، حيث يتميز اللابيتالول بمفعوله السريع، ويستخدم وريديًا في الحالات الشديدة من ارتفاع ضغط الدم.
- ميثيل دوبا، ويعد هذا الدواء آمن الاستخدام خلال فترة الحمل، حيث لم يرتبط استخدامه على المدى الطويل بأية تأثيرات جانبية على صحة الحامل والجنين، ويستخدم في الحالات المتوسطة من ارتفاع ضغط الدم.
- مدرات البول الثيازيدية، مثل: الهيدروكلوثيازيد، حيث يتم اللجوء إلى هذا النوع من الأدوية إذا كانت الأدوية الأخرى غير فعالة أو لها آثار جانبية لا يمكن تحملها.
- وفي حال كانت المرأة الحامل تعاني من ارتفاع ضغط الدم ولكن لا يوجد بروتين في بولها، وكانت مستويات ضغط الدم طبيعية قبل الحمل، ثم حدث ارتفاع في ضغط الدم بعد 20 أسبوع من الحمل، فغالبًا يكون ارتفاع الضغط ناجم عن الحمل، ولا يحتاج إلى علاج، ولكن يتوجب عليها في هذه الحالة الاستمرار في مراقبة ضغطها حتى لا تتدهور الأمور.
وتجدر الإشارة إلى أن العلاجات السابقة يمكن اللجوء إليها في المراحل المبكرة من الحمل، أما بالنسبة لعلاج ارتفاع ضغط الدم للحامل في المراحل الأخيرة من الحمل، فتكون الولادة هي الحل الوحيد، خصوصًا إذا كانت المرأة الحامل معرضة لخطر حصول انفصال المشيمة المبكر، أو نزيف حاد إلى درجة حصول هبوط حاد في ضغط الدم.
اقرأي أيضًا: مُسببات ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل والأعراض المصاحبة
أسئلة شائعة عن ارتفاع ضغط الدم خلال فترة الحمل
هل يكون آمنًا تناول دواء ضغط الدم أثناء الحمل؟
- إن علاج ارتفاع ضغط الدم خلال الحمل أمر مهم للغاية، وذلك لتجنب التعرض للسكتات الدماغية، والنوبات القلبية وغيرها من المضاعفات.
- لذلك يصف لك طبيبك بعض أدوية ضغط الدم الآمنة للاستخدام خلال فترة الحمل، ولكن يتوجب الامتناع عن الأدوية التي تحتوي على مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوستين، ومثبطات الرينين، حيث يمكن أن تتسبب هذه الأدوية بحدوث عيوب خلقية في السبيل البولي عند الجنين، ونتيجة لذلك قد يتوفى الطفل بعد الولادة بوقت قصير.
- وبشكل عام يحظر على المرأة الحامل تناول أي دواء دون مراجعة الطبيب المختص والأخذ باستشارته، فالطبيب يصف لك الجرعة الأكثر أمانًا على صحتك وصحة جنينك، وتجنبي تغيير الجرعة أو التوقف عن تناول الدواء من تلقاء نفسك.
كيف يمكنني معرفة إن كنت مصابة بارتفاع ضغط الدم أثناء حملي؟
كما ذكرنا سابقًا أن هناك أنواع من ارتفاع ضغط الدم خلال الحمل لا يرافقها أية أعراض، فيكون من الصعب على المرأة الحامل الكشف عن ذلك، لهذا تشكل مراقبة ضغط الدم خلال فترة الحمل جزءًا أساسيًا من الرعاية السابقة للولادة.
أما في حال كنت تعانين من ارتفاع ضغط الدم المزمن، فربما يركز طبيبك المشرف على حالتك، على الأنواع التالية من قياسات ضغط الدم:
- في حال كنت تعانين من ارتفاع طفيف في ضغط الدم، والذي يكون فيه الضغط الانبساطي أقل من 80 ملم زئبقي، والضغط الانقباضي بين 120 و 129 ملم زئبقي، وفي هذه الحالة ينصح بأخذ الاحتياطات اللازمة بحسب إرشادات الطبيب، لأن هذا النوع من الممكن أن يتفاقم مع مرور الوقت.
- أما في حال كان الضغط الانبساطي يتراوح بين 80 إلى 89 ملم زئبقي، والضغط الانقباضي بين 130 إلى 139 ملم زئبقي، فتكوني في المرحلة الأولى من الإصابة بارتفاع ضغط الدم.
- أما بالنسبة للمرحلة الثانية من ارتفاع ضغط الدم، فيتجاوز الضغط الانقباضي 140 ملم زئبقي، ويتجاوز الضغط الانبساطي 90 ملم زئبقي، وهي الحالة الأكثر خطورة.
هل يوجد خطر لارتفاع ضغط الدم على الولادة؟
يقوم الطبيب بتحفيز المخاض قبل الموعد المحدد للولادة، وذلك لتجنب حدوث المضاعفات، ويكون ذلك بناءًا على مدى انضباط ضغط الدم، وما إذا كانت أحد الأعضاء قد تضررت في المرحلة الأخيرة.
وفي حال كنت تعانين من الإصابة بتسمم الحمل نتيجة ارتفاع ضغط الدم، فقد يعطيك الطبيب دواءًا أثناء المخاض للوقاية من المضاعفات الخطيرة.
هل يستمر ارتفاع ضغط الدم للحامل بعد الولادة؟
ذلك يتوقف على نوع ارتفاع ضغط الدم، فالنوع الذي يظهر بعد الأسبوع 20 من الحمل، عادة ما يزول بعد 12 أسبوع من الولادة، أما إذا كانت الحامل تعاني من ارتفاع الضغط المزمن فإنه يستمر مدى الحياة.
ما الخطوات التي يمكنني اتباعها للتقليل من المضاعفات التي قد يسببها ارتفاع ضغط الدم خلال فترة حملي؟
- أولًا عليك الالتزام بمواعيد الطبيب المشرف على حملك خلال فترة الحمل.
- تناولي أدوية ضغط الدم بالجرعات الموصوفة من قبل طبيبك، فالطبيب سيصف لك الأدوية المناسبة لحالتك والأكثر أمانًا على حملك.
- تحدثي لأحد اختصاصي التغذية، لمساعدتك في تخطيط الوجبات التي ستتناولينها.
هل يمكنني إرضاع طفلي طبيعيًا؟
بالتأكيد نعم يمكنك ذلك، حيث يشجع المختصون معظم النساء المصابات بارتفاع ضغط الدم على الرضاعة الطبيعية.
هل يوجد تعليمات يمكنني اتباعها لتقليل خطر إصابتي بتسمم الحمل، في حال كنت أعاني من ارتفاع ضغط الدم خلال الحمل؟
إن أخذ جرعة بسيطة من الأسبرين خلال فترة الحمل بعد استشارة الطبيب المختص، يسهم في الحد من الإصابة بمقدمات تسمم الحمل، وتوصي الكلية الأمريكية لأطباء النساء والتوليد، بأخذ جرعة من الأسبرين لا تتجاوز 81 ميليغرام يوميًا، بدءًا من أواخر الثلث الأول من الحمل.
قد يهمكِ أيضًا: متى يُشكل مرض ارتفاع ضغط الدم خطرًا على الحامل وكيف يُمكن علاجه بسرعة؟
نصائح للوقاية من ارتفاع ضغط الدم خلال الحمل
- شرب كميات كافية من السوائل يوميًا.
- اتباع نظام غذائي صحي متوازن، والتقليل من كمية الملح المضاف إلى الطعام، وتجنب تناول الأطعمة المصنعة، والمقلية.
- النوم لساعات كافية.
- الحرص على القيام بالفحوصات اللازمة بانتظام، وفي المراحل المبكرة من الحمل.
- الحرص على ممارسة الرياضة المناسبة بانتظام، مثل: المشي، والرياضات المائية، واليوغا المخصصة للحوامل.
- تجنب المشروبات التي تحتوي على الكافيين.
- تجنب التدخين، والمشروبات الكحولية، وتعاطي العقاقير الغير مشروعة.
المصادر:
- ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل – موقع cdc.gov
- ارتفاع ضغط الدم والحمل: تعرفي على الحقائق – موقع mayoclinic
- ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل – موقع marchofdimes
اترك تقييم